للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي قَوْلَهُ {مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ هِيَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ. وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَكْثَرِ أَنَّ الزَّادَ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَهُوَ أَنْ يَجِدَ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ يَعُولُ حَتَّى يَرْجِعَ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ: الصِّحَّةُ لَا غَيْرُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالنَّاصِرُ: إنَّ مَنْ قَدِرَ عَلَى الْمَشْيِ لَزِمَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} . وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ هُوَ اعْتِبَارُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

بَابُ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِلْحَاجِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْهَلَاكُ

٢٣٢٥- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَرْكَبْ الْبَحْرَ إلَّا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِمَا.

٢٣٢٦- وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ بَاتَ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ إجَّارٌ فَوَقَعَ فَمَاتَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (لَيْسَ لَهُ إجَّارٌ) الْإِجَّارُ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا جِيمٌ مُشَدَّدَةٌ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ: هُوَ مَا يَرُدُّ السَّاقِطَ مِنْ الْبِنَاءِ مِنْ حَائِطٍ عَلَى السَّطْحِ أَوْ نَحْوِهِ، وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد «لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ» . وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيِّ بِالْيَاءِ «حِجِّي» . وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمَبِيت عَلَى السُّطُوحِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا حَائِطٍ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي أَوْقَاتِ اضْطِرَابِهِ. قَالَ: وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ رُكُوبِ الْبَحْرِ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَّا لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ وَالْغَازِي. وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُنْكِرْ عَلَى الصَّيَّادِينَ لَمَّا قَالُوا لَهُ: «إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>