للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِي الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إذَا قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ قَدْ حَصَلَ وَزَادَ الْوَكِيلُ خَيْرًا، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ شَاةً بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهَا بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ.

قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأُضْحِيَّةَ لا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ لإِبْدَالِ مِثْلٍ أَوْ أَفْضَلَ.

قَوْلُهُ: «وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ» جَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا أَصْلًا، فَقَالُوا: مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ مَالٌ مِنْ شُبْهَةٍ وَهُوَ لا يَعْرِفُ لَهُ مُسْتَحِقًّا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ

وَوَجْهُ الشُّبْهَةِ هَاهُنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لِعُرْوَةِ فِي بَيْعِ الأُضْحِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْهُ لِلْقُرْبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الأُضْحِيَّةِ فَكَرِهَ أَكْلَ ثَمَنِهَا.

بَابُ مَنْ وُكِّلَ فِي التَّصَدُّقِ بِمَالِهِ فَدَفَعَهُ إلَى وَلَدِ الْمُوَكِّلِ

٣٠٤٢- وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ أَبِي خَرَجَ بِدَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا، فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْت فَأَخَذْتهَا فَأَتَيْته بِهَا، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا إيَّاكَ أَرَدْت بِهَا، فَخَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لَكَ مَا نَوَيْت يَا يَزِيدُ، وَلَك يَا مَعْنُ مَا أَخَذْت» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لَكَ مَا نَوَيْت» أَيْ: إنَّكَ نَوَيْت أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَابْنُكَ مُحْتَاجٌ فَقَدْ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِكَ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا، وَلابْنِكَ مَا أَخَذَ؛ لأَنَّهُ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إلَيْهَا إلى أن قَالََ: وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِي صَرْفِ الصَّدَقَةِ، وَلِهَذَا الْحُكْمِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ هَا هُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>