كَانَتْ مُصَالَحَةً لا تَقْدِيرًا شَرْعِيًّا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ: بَلْ هِيَ مِنْ الإِبِلِ لِلنَّصِّ، وَمِنْ النَّقْدَيْنِ تَقْوِيمًا إذْ هُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَمَا سِوَاهُمَا صُلْحٌ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الإِبِلِ مِائَةٌ، وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَانِ وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَانِ، وَمِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ مِثْقَالٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْفِضَّةِ فَذَهَبَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: إِلَى أَنَّهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمْ. وقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ: أَوْ مِائَتَا حُلَّةٍ، الْحُلَّةُ: إزَارٌ وَرِدَاءٌ أَوْ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلٌ.
قَوْلُهُ: «وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ جَعَلَ الذَّهَبَ مِنْ أَنْوَاعِ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ دِيَةٌ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةً. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إجْمَاعًا. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ: إنَّهُ وَجَدَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ: «فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِإِيجَابِ الدِّيَةِ فِي بَعْضِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَيُقَاسُ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: مَضَتْ السُّنَّةُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ الإِنْسَانِ إلَى أَنْ قَالَ: وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ الدِّيَةُ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ لِمَنْ ضُرِبَ حَتَّى سَلِسَ بَوْلُهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ دِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
٣٩٨٢- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عَقْلُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.
٣٩٨٣- وَفِي لَفْظٍ: قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ.
٣٩٨٤- وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَمَانَمِائَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute