مَنْ أَجَازَهُ لَكِنْ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لا يُأْبَهُ لَهُ وَلا يَظْهَرُ بِهِ النُّقْصَانُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ الزَّوْجُ وَلَوْ بِطَرِيقِ الإِجْمَالِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الإِفْسَادِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالْخَازِنِ: وَالنَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ فِي مَصَالِحِهِ.
وَقَوْلُهُا: (إنَّا كَلٌّ) قَالَ الشَّارِحُ: بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللامِ أَيْ نَحْنُ عِيَالٌ عَلَيْهِمْ لَيْسَ لَنَا مِنْ الأَمْوَالِ مَا نَنْتَفِعُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ مَالِ ابْنِهَا وَأَبِيهَا وَزَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وَتُهَادِي، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالأُمُورِ الْمَأْكُولَةِ الَّتِي لا تُدَّخَرُ فَلا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُهَادِيَ بِالثِّيَابِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ) قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ فِيهِ فَوَائِدُ: مِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَا هُنَا لأَجْلِهِ، وَهُوَ جَوَازُ صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنِ زَوْجِهَا أَوْ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِهَا كَالثُّلُثِ.
وَقَوْلُهُ: «لا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَمْرٌ فِي مَالِهَا» الْحَدِيث. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعْطِيَ عَطِيَّةً مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَتْ رَشِيدَةً. وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ اللَّيْثُ: لا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا لا فِي الثُّلُثِ وَلا فِيمَا دُونَهُ إلا فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُعْطِيَ مَالَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي الثُّلُثِ لا فِيمَا فَوْقَهُ فَلا يَجُوزُ إلا بِإِذْنِهِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ الزَّوْجِ إذَا لَمْ تَكُنْ
سَفِيهَةً، فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ يَجُزْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَدِلَّةُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَبَرُّعِ الْعَبْدِ
٣٢٤٦- عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوْلايَ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالأَجْرُ بَيْنَكُمَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
٣٢٤٧- وَعَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي مَوْلايَ أَنْ أَقْدِرَ لَحْمًا، فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute