إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، قَالَ: «إنْ أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» . قُلْت: إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي أَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ لا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ؟ قَالَ: «فَلا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْت عَلَى كَلْبِكِ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» .
٤٦٢٦- وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللهِ، فَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ - وَقَدْ قَتَلَ - فَلا تَأْكُلْ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْحَاهُ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَ بِعَيْنِهِ فَالْحُكْمُ لَهُ؛ لأنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتَلَهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «وَسَمَّيْت» اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ، إنَّمَا الْخِلافُ فِي كَوْنِهَا شَرْطًا فِي حِلِّ الأكْلِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ إلَى أَنَّهَا شَرْطٌ. وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالشَّافِعِيُّ - وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ - إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ. وَاخْتَلَفُوا إذَا تَرَكَهَا نَاسِيًا، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الذَّاكِرِ، فَيَجُوزُ أَكْلُ مَا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ سَهْوًا لا عَمْدًا. انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَوْلُهُ: (أَوْحَاهُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ.
بَابُ الصَّيْدِ بِالْقَوْسِ وَحُكْمُ الرَّمْيَةِ إذَا غَابَتْ أَوْ وَقَعَتْ فِي مَاء
٤٦٢٧- عَنْ عَدِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّا قَوْمٌ نَرْمِي فَمَا يَحِلُّ لَنَا؟ قَالَ: «يَحِلُّ لَكُمْ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذَكَرْتُمْ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَخَزَقْتُمْ فَكُلُوا ... مِنْهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قَتَلَهُ السَّهْمُ بِثِقَلِهِ لا يَحِلُّ.
٤٦٢٨- وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَغَابَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يَنْتَنْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute