للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنُّسُكِ فَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ النُّسُكُ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ تَجَدَّدَ لَهُ الْقَصْدُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى الْمِيقَاتِ. قال: والمراد بقوله: (يُهِلُّونَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَكَّةَ وَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ، وَهَذَا فِي الْحَجِّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَيَجِبُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا جَعَلَ مَكَّةَ مِيقَاتًا لِلْعُمْرَةِ. وَاختلف فِي الْقَارِنِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْحَاجِّ فِي الْإِهْلَالِ مِنْ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (وَقَّتَ لأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ) . قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْحَدِيثُ بِمَجْمُوعِ الطُّرُقِ يَقْوَى. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ وَرَدَ مَا يُعَارِضُ أَحَادِيثَ الْبَابِ، فَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ. وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ الْوُجُوبِ، وَالْعَقِيقَ مِيقَاتُ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ. وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقِيقَ مِيقَاتٌ لِبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمْ أَهْلُ الْمَدَائِنِ، وَالْآخَرُ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِ الْعَقِيقِ الْآنَ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إلَى مَكَّةَ، فَعَلَى هَذَا فَذَاتُ عِرْقٍ وَالْعَقِيقُ شَيْءٌ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (فَانْظُرُوا حَذْوَهَا) أَيْ: اعْتَبِرُوا مَا يُقَابِلُ الْمِيقَاتَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تَسْلُكُونَهَا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ فَاجْعَلُوهُ مِيقَاتًا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُمَرَ حَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ بِاجْتِهَادٍ. وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالنَّصُّ بِتَوْقِيتِ ذَاتِ عِرْقٍ لَيْسَ فِي الْقُوَّةِ كَغَيْرِهِ فَإِنْ ثَبَتَ فَلَيْسَ بِبِدْعٍ وُقُوعُ اجْتِهَادِ عُمَرَ عَلَى وَفْقِهِ فَإِنَّهُ كَانَ مُوَفَّقًا لِلصَّوَابِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ.

بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لِعُذْرٍ

٢٣٥٠- عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

٢٣٥١ - وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>