وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ ذُو رَحِمٍ لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ لَمْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ، لأَنَّ الْعَبَّاسَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لا يَجْزِي» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيْ لا يُكَافِئُهُ بِمَا لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ إلا بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيَعْتِقُهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ لا بُدَّ مِنْ الْعِتْقِ، وَبِهِ قَالَتْ الظَّاهِرِيَّةُ وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ فَقَالُوا: إنَّهُ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ.
قَوْلُهُ: «ذَا رَحِمٍ» بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَأَصْلُهُ مَوْضِعُ تَكْوِينِ الْوَلَدِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ لِلْقَرَابَةِ فَيَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَسَبٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ: «مَحْرَمٌ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ، وَيُقَالُ: (مُحَرَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمَحْرَمُ مَنْ لا يَحِلُّ نِكَاحُهُ مِنْ الأَقَارِبِ. قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ
مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَتَقَ عَلَيْهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
قَوْلُهُ: (لِابْنِ أُخْتِنَا) بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ أَخْوَالُ أَبِيهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
بَابُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ
٣٣٧٧- عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ زِنْبَاعًا - أَبَا رَوْحٍ - وَجَدَ غُلامًا لَهُ مَعَ جَارِيَةٍ لَهُ، فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكَ» ؟ قَالَ: زِنْبَاعٌ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا» ؟ فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» . فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَوْلَى مَنْ أَنَا؟ فَقَالَ: «مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» . فَأَوْصَى بِهِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَمَّا قُبِضَ جَاءَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute