لَكَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُفِيدَةً لِلْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهَا كَالِاسْتِدْرَاكِ
لِمَا فَاتَ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى فَائِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الشَّهِيدِ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُتْرَكَ بِحَالٍ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَتَرَاخَتْ إلَى غَايَةٍ بَعِيدَةٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَلَامٍ فَلَمْ أَقِفْ لِلْمَانِعِينَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى جَوَابٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ الْمُثْبِتِينَ؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمَّاهُ شَهِيدًا وَصَلَّى عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ النَّفْيُ عَامًّا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْعَةِ أُحُدٍ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْإِثْبَاتِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ لَكَانَ مُخْتَصًّا بِمَنْ قُتِلَ عَلَى مِثْلِ صِفَتِهِ. وَحَدِيثُ أَبِي سَلَامٍ الذي أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّارِحُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَرْكِ غُسْل الشَّهِيدِ وَلَفْظُهُ: عَنْ أَبِي سَلام عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أَغَرْنَا عَلَى حَيِّ مِنْ جُهَيْنَة فَطَلَبَ رَجُلٌ مَنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاً مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ وَأَصَابَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَخُوكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ» . فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ فَلَفَّهُ رَسُولُ اللهِ بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَشَهِيدٌ هٌوَ؟ قَالَ: «نَعَم، وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاود وَحَدِيثُ شَدَّادِ بن الْهَادِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ النّسَائِيّ بِلَفْظِ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ - وَفِي الْحَدِيثِ - وَإِنَّهُ اسْتَشْهَدَ فَصَلَى عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَفِظَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُ: «اللهمَّ إِنَّ هَذَا عَبْدَكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ فِي سَبِيلِكَ» . قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَتَرْكُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غسلَ الشَّهِيد وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، أَمَّا اسْتِحْبَاب التَّرْكِ فَلا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْفِعْلِ.
الصَّلَاةُ عَلَى السِّقْطِ وَالطِّفْلِ
١٨١٢- عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي أَمَامَهَا قَرِيبًا مِنْهَا عَنْ يَمِينِهَا أَوْ عَنْ يَسَارِهَا وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
١٨١٣- وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ فِيهِ: «وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا» .
١٨١٤- وَفِي رِوَايَةٍ «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute