قَوْلُهُ: (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ، أَوْ قَالَ عَلَى عَصَا) . قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الِاعْتِمَادِ عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا حَالَ الْخُطْبَةِ. قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الِاشْتِغَالَ عَنْ الْعَبَثِ، وَقِيلَ: إنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ.
قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» . قَالَ الشَّارِحُ: وَإِنَّمَا كَانَ إقْصَارُ الْخُطْبَةِ عَلَامَةً مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ، لِأَنَّ الْفَقِيهَ هُوَ الْمُطَّلِعُ عَلَى جَوَامِعِ الْأَلْفَاظِ، فَيَتَمَكَّنُ بِذَلِكَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاللَّفْظِ الْمُخْتَصَرِ عَنْ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ) . الْحَدِيثُ. قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُفَخِّمَ أَمْرَ الْخُطْبَةِ وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ وَيُجْزِلَ كَلَامَهُ وَيُظْهِرَ غَايَةَ الْغَضَبِ وَالْفَزَعِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْصَافِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ اشْتِدَادِهَا
قَوْلُهُ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ إذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا (رَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا) . قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْبَابِ يَدُلَّانِ عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الْأَيْدِي عَلَى الْمِنْبَرِ حَالَ الدُّعَاءِ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ
مِنْ دُعَائِهِ إلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطَيْهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنَ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى. قَالَ: وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا مِنْ الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَظَاهِرُ حَدِيثَيْ الْبَابِ أَنَّهَا تَجُوزُ الْإِشَارَةُ بِالْأُصْبُعِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.
بَابُ الْمَنْعِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَالرُّخْصَةِ فِي تَكَلُّمِهِ
وَتَكْلِيمِهِ لِمَصْلَحَةٍ وَفِي الْكَلَامِ قَبْلَ أَخْذِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ إتْمَامِهَا
١٦٢٤- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِك يَوْمَ الْجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.
١٦٢٥- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - فِي حَدِيثٍ لَهُ قَالَ: مَنْ دَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَلَغَا وَلَمْ يَسْتَمِعْ وَلَمْ يُنْصِتُ كَانَ عَلَيْهِ كِفْلٌ مِنْ الْوِزْرِ، وَمَنْ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute