الْمَذْكُورَةِ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُدَمَاءِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ، وَمِنْ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ فَقَالُوا: إذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَالْعِتْقُ وَالْمَهْرُ وَذَهَبَ مَنْ عَدَا هَؤُلاءِ إلَى أَنَّهُ لا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ مَهْرًا وَأَجَابُوا عَنْ الأْحَادِيثِ بِأَجْوِبَةٍ، إلى أن قال: وَبِالْجُمْلَةِ فَالدَّلِيلُ قَدْ وَرَدَ بِهَذَا، وَمُجَرَّدُ الاسْتِبْعَادِ لا يَصْلُحُ لإِبْطَالِ مَا صَحَّ مِنْ الأَدِلَّةِ، وَالأَقْيِسَةُ مُطْرَحَةٌ فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ فَلَيْسَ بِيَدِ الْمَانِعِ بُرْهَانٌ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي رَدِّ الْمَنْكُوحَةِ بِالْعَيْبِ
٣٥٣٥- عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ الأَنْصَارِ - ذَكَرَ ... أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - يُقَالُ لَهُ: كَعْبُ بْنُ زَيْدٍ أَوْ زَيْدُ بْنُ كَعْبٍ: أَنَّ ... رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَضَعَ ثَوْبَهُ وَقَعَدَ عَلَى الْفِرَاشِ أَبْصَرَ بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، فَانْحَازَ عَنْ الْفِرَاشِ ثُمَّ قَالَ: «خُذِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ» . وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا آتَاهَا شَيْئًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَرَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلَمْ يَشُكَّ.
وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ غُرَّ بِهَا رَجُلٌ - بِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ - فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَصَدَاقُ الرَّجُلِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَفِي لَفْظٍ: قَضَى عُمَرُ فِي الْبَرْصَاءِ وَالْجَذْمَاءِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَالصَّدَاقُ لَهَا بِمَسِيسِهِ إيَّاهَا وَهُوَ لَهُ عَلَى وَلِيِّهَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْبَرَصَ وَالْجُنُونَ وَالْجُذَامَ عُيُوبٌ يُفْسَخُ بِهَا النِّكَاحُ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ كَعْبٍ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْفَسْخِ لأَنَّ قَوْلَهُ: «خُذِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «الْحَقِي بِأَهْلِكِ» يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةَ طَلاقٍ وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى أَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِالْعُيُوبِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفَاصِيلِ ذَلِكَ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute