تَعْيِينِ الْعُيُوبِ الَّتِي يُفْسَخُ بِهَا النِّكَاحُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا لا تُرَدُّ النِّسَاءُ إلا بِأَرْبَعَةِ عُيُوبٍ: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ، وَالْبَرَصُ، وَالدَّاءُ فِي الْفَرْجِ. وَخَالَفَ النَّاصِرُ فِي الْبَرَصِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ النِّكَاحُ، وَالرَّجُلُ يُشَارِكُ الْمَرْأَةَ فِي الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَتَفْسَخُهُ الْمَرْأَةُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِكُلِّ دَاءٍ عُضَالٍ.
قَوْلُهُ: (وَصَدَاقُ الرَّجُلِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ) قَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَالْهَادَوِيَّةُ فَقَالُوا: إنَّهُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّرَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَوْهَمَهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لا عَيْبَ فِيهَا فَانْكَشَفَ أَنَّهَا مَعِيبَةٌ بِأَحَدِ تِلْكَ الْعُيُوبِ وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ لا إذَا جَهِلَ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَالاسْتِحَاضَةُ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحُ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا لَمْ يُقِر بِالْعِنَّةِ وَلَمْ يُنْكِرْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْعِنَّةِ وَنَكَّلَ عَنِ الْيَمِينِ فَإِنْ قُلْنَا: يُحْبَسُ النَّاكِلُ عَنْ الْجَوَابِ فَالتَّأْجِيلِ أَيْسَرِ مِنْ الْحَبْسِ، وَالسُّنَّة الْمُعْتَبَرَة فِي التَّأْجِيلِ هِي الْهِلالِيَّة، وَيَتَخَرج إِذَا عَلٍمَتْ بِعِنَّتِهِ أَو اخْتَارَتْ الْمُقَامُ مَعَهُ عَلَى عُسْرَتِهِ هَلْ لَهَا الْفَسْخِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلو خَرَجَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ لِتَوجه، وَتَرَدُّ الْمَرْأَةِ بِكُلِّ عَيْبٍ يُنَفِّرُ عَنْ كَمَالَ الاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ قِيلَ: إِنَّ الْفَسْخَ يَثْبُتُ بِتَرَاضِيهِمَا تَارَةَّ وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ أُخْرَى أَوِ بِمُجَرَّدِ فَسْخ الْمُسْتَحَق ثُمَّ الآخر إِنْ أَمْضَاهُ وَإِلا أَمْضَاهُ الْحَاكِمُ لتَوَجَه، وَهُوَ الأَقْوَى وَمتَى أَذِنَ الْحَاكِمُ
أَوْ حَكَمَ لأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقٍ عَقَدَ أَوْ فَسَخَ مَأْذُونٌ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدُ ذَلِكَ إِلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلا نِزَاعٍ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ الْمَغْرُورُ بِالصِّدَاقِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِي فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَاللهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute