وَذَكَر يَوْم الْجُمُعَة فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ بَاب التَّنْصِيص عَلَى بَعْض أَفْرَاد الْعَامّ لَا مِنْ بَابِ التَّقْيِيد لِلْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَة، وَلَا مِنْ بَابِ التَّخْصِيص لِلْعُمُومَاتِ، فَمَنْ سَبَقَ إلَى مَوْضِع مُبَاح سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدًا أَوْ غَيْره فِي يَوْم
جُمُعَة أَوْ غَيْرهَا لِصَلَاةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا مِنْ الطَّاعَات فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَحْرُم عَلَى غَيْره إقَامَته مِنْهُ وَالْقُعُود فِيهِ، إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: الْمَوْضِع الَّذِي قَدْ سَبَقَ لِغَيْرِهِ فِيهِ حَقّ، كَأَنْ يَقْعُدَ رَجُلٌ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ يَقُومُ مِنْهُ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ الْحَاجَاتِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَحَقّ بِهِ مِمَّنْ قَعَدَ فِيهِ بَعَدَ قِيَامه، قَالَ: وَظَاهِر حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ يَجُوز لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْعُد فِي مَكَان غَيْره إذَا أَقْعَدَهُ بِرِضَاهُ.
قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيَتَحَوَّلْ إلَى غَيْرِهِ» . قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحِكْمَة فِي الْأَمْر بِالتَّحَوُّلِ: أَنَّ الْحَرَكَة تُذْهِبُ النُّعَاس. وَيُحْتَمَل أَنَّ الْحِكْمَة فِيهِ انْتِقَاله مِنْ الْمَكَان الَّذِي أَصَابَتْهُ فِيهِ الْغَفْلَة بِنَوْمِهِ.
قَوْلُهُ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْحِبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الِاحْتِبَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْت لِأَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْم وَيُعَرِّض طَهَارَته لِلِانْتِقَاضِ.
قَوْلُهُ: (وَآنَيْت) قَالَ الشَّارِحُ: بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَة: أَيْ أَبْطَأْت وَتَأَخَّرْت. قَالَ: وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلّ عَلَى كَرَاهَة التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَة، وَظَاهِر التَّقْيِيد بِيَوْمِ الْجُمُعَة أَنَّ الْكَرَاهَة مُخْتَصَّة بِهِ. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون التَّقْيِيد خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِبِ لِاخْتِصَاصِ الْجُمُعَة بِكَثْرَةِ النَّاس، بِخِلَافِ سَائِر الصَّلَوَات فَلَا يَخْتَصّ ذَلِكَ بِالْجُمُعَةِ، بَلْ يَكُون حُكْم سَائِر الصَّلَوَات حُكْمهَا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ التَّعْلِيل بِالْأَذِيَّةِ، وَظَاهِر هَذَا التَّعْلِيل أَنَّ ذَلِكَ يَجْرِي فِي مَجَالِس الْعِلْم وَغَيْرهَا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ التَّحْرِيم أَوْ الْكَرَاهَة الْإِمَام أَوْ مَنْ كَانَ بَيْن يَدَيْهِ فُرْجَة لَا يَصِل إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخَطِّي.
بَابُ التَّنَفُّل قَبْل الْجُمُعَة مَا لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَام
وَأَنَّ انْقِطَاعه بِخُرُوجِهِ إلَّا تَحِيَّة الْمَسْجِد
١٥٨٥- عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا اغْتَسَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute