قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ. وَقَالَ الْبُخَاري: (بَابَ الْحِجَامَة لِلْمُحْرِمْ وَكَوَى ابن عُمر ابْنُهُ وَهُوَ مُحْرِمْ وَيَتَدَوَاى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيب) ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث ابن عُمَر (احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِم) وَحَدشيثُ ابن بحينة (احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِم بلحى جَمَل فِي أَوْسَط رَأْسِهِ) قَالَ الْحَافِظُ: قَوْلُهُ: (بَابَ الْحِجَامَةَ لِلْمُحْرِمْ) أَيْ هَلْ يَمْنَع مِنْهَا أَوْ تُبَاحَ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ لِلضَّرُورَةْ.
قَوْلُهُ: (وَكَوَى ابن عُمر ابْنُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ) وَصَلَ ذَلِكَ سَعِيدُ بن مَنْصوُر مِنْ طَرِيق مُجَاهِدْ قَالَ: أَصَابَ وَاقِد بن عَبْد الله بن عُمَر بِرِسَام فِي الطَّرِيق وَهُوَ مُتَوَجِّهْ إِلَى مَكَّةَ فَكَوَاه ابْنُ عُمَرَ فَأَبَانَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَرَوَى الطَّبَرِي مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمِ شَجَّهَة فَلا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَا حَوْلَهَا مِنَ الشَّعْرِ ثُمَّ يُدَاوِيهَا بِمَا لَيْسِ فِيهِ طِيب. قَالَ النَّوَوِيُّ: إذَا أَرَادَ الْمُحْرِمُ الْحِجَامَةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ تَضَمَّنَتْ قَطْعَ شَعْرٍ فَهِيَ حَرَامٌ لِقَطْعِ الشَّعْرِ، وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْهُ جَازَتْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ. وَعَنْ الْحَسَنِ فِيهَا الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ جَازَ قَطْعُ الشَّعْرِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَخَصَّ أَهْلُ الظَّاهِرِ الْفِدْيَةَ بِشَعْرِ الرَّأْسِ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: إذَا أَمْكَنَ مَسْكُ الْمَحَاجِمِ بِغَيْرِ حَلْقٍ لَمْ يَجُزْ الْحَلْقُ. وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الْفَصْدِ وَرَبْطِ الْجُرْحِ وَالدُّمَّلِ وَقَطْعِ الْعِرْقِ وَقَلْعِ الضِّرْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّدَاوِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ارْتِكَابُ مَا نُهِيَ الْمُحْرِمُ عَنْهُ مِنْ تَنَاوُلِ الطِّيبِ وَقَطْعِ الشَّعْرِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ فِي ذَلِكَ. والله أعلم. انْتَهَى. قَالَ الْمُوَفِّقُ فِي الْمُغْنِي: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ
عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِ شَعْرِهِ إِلا مِنْ عُذْرٍ وَالأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} .
بَابُ مَا جَاءَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَحُكْمِ وَطْئِهِ
٢٤٦٤- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَلَيْسَ لِلتِّرْمِذِيِّ فِيهِ: وَلَا يَخْطُبُ.
٢٤٦٥- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute