للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَمَا وَلا غَيَّرَا، وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ بِمَعْنَاهُ.

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةِ فَقَالَتْ: هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ قُلْت: نَعَمْ، قَالَتْ: فَإِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلالٍ فَأُحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

٥٠٠٠- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمُوا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَجَدَ الْجَامَ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ، فَقَامَ رَجُلانِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَحَلَفَا: لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأنَّ الْجَامَ لَصَاحِبِهِمْ، قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَقَدُوا جَامًا) بِالْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ: أَيْ إنَاءً وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ وَخَصَّ جَمَاعَةٌ الْقَبُولَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَبِالْوَصِيَّةِ وَبِفَقْدِ الْمُسْلِمِ حِينَئِذٍ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الأئِمَّةِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ

مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ} وَاحْتَجُّوا بِالإِجْمَاعِ عَلَى رَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ، وَالْكَافِرُ شَرٌّ مِنْ الْفَاسِقِ وَأَجَابَ الأوَّلُونَ أَنَّ النَّسْخَ لا يَثْبُتُ بِالاحْتِمَالِ وَأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا وَبِأَنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيمَنْ مَاتَ مُسَافِرًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ. وَذَهَبَ الْكَرَابِيسِيُّ وَالطَّبَرِيُّ وَآخَرُونَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ فِي الآيَةِ الْيَمِينُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرْ عَلَى الْمُسْلِمْ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُه، وَهُوَ مَذْهَبْ أَحْمَد، وَلا تَعْتَبِرْ عَدَالَتَهُم، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَحْلِفَهُمْ بِسَبَب حَقّ اللهِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمْ بِخِلافِ آيَةِ الْوِصَايَةُ لَنَقَضَ حُكْمُه فَإِنَّهُ خَالَفَ نَصُّ الْكِتَاب بِتَأْوِيلات سَمِجَةْ. وَقَوْلُ أَحْمَد: أَقْبَلُ شِهَادَةَ أَهْل

<<  <  ج: ص:  >  >>