فَجَلَدَهُ ... النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً.
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فِيهِ ضَعْفٌ إلا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: مَا رَوَى عَنْ الشَّامِيِّينَ صَحِيحٌ. وَمَا رَوَى عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: «وَأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لا يُقَادُ بِالْكَافِرِ، أَمَّا الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ فَذَلِكَ إجْمَاعٌ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِصِدْقِ اسْمِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» أَيْ تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فِي الدَّمِ بِخِلافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» يَعْنِي إذَا أَمَّنَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا كَانَ أَمَانُهُ أَمَانًا مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا.
قَوْلُهُ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» قَالَ الشَّارِحُ: وَهَا كِنَايَة عَنْ عَدَمِ دُخُولِهَا، وَالْحَدِيثَانِ اشْتَمَلا عَلَى تَشْدِيدِ الْوَعِيدِ عَلَى قَاتِلِ الْمُعَاهَدِ. إلى أن قال: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ. وَحَكَى صَاحِبُ
الْبَحْرِ الإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لا يُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ إلا عَنْ النَّخَعِيّ. وَهَكَذَا حَكَى الْخِلافَ عَنْ النَّخَعِيّ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَمَّا قَتْلُ الْحُرِّ بِعَبْدِ غَيْرِهِ فَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قِصَاصٌ لا فِي النَّفْسِ وَلا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَتَلَ عَبْدَهُ لا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ عَبْدَ غَيْرِهِ قُتِلَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَلا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيّ إِلا أَنْ يَقْتُلَهُ غِيلَة لأَخْذِ مَالِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَحِيَحةٌ صَرِيحَةٌ كَمَا فِي الذِّمِّيّ بَلْ أَجْوَدُ مَا رُوِيَ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute