للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا فَقُولُوا لَهُ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» . فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَاكَ مِنْك يَا أَبَا شُرَيْحٍ إنَّ الْحَرَمَ لا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلا فَارًّا بِدَمٍ وَلا فَارًّا بِخُرْبَةٍ.

٣٩٥٥- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَى أَرْبَعَتِهِنَّ.

٣٩٥٦- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.

٣٩٥٧- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ نَحْوُهُ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ وَجَدْتُ قَاتِلَ عُمَرَ فِي الْحَرَمِ مَا هُجْتُهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - فِي الَّذِي يُصِيبُ حَدًّا ثُمَّ يَلْجَأُ إلَى الْحَرَمِ -: يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ. حَكَاهُمَا أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الأَثْرَمِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: «إنَّ أَعْدَى النَّاسِ» فِي رِوَايَةٍ: إنَّ أَعْتَى النَّاسِ إلى أن قال: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْحَرَمَ لا يَعْصِمُ مِنْ إقَامَةِ وَاجِبٍ، وَلا يُؤَخَّرُ لأَجْلِهِ عَنْ وَقْتِهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَسْفِكَ بِالْحَرَمِ دَمًا وَلا يُقِيمُ بِهِ حَدًّا حَتَّى يَخْرُجَ عَنْهُ مَنْ لَجَأَ إلَيْهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَرَقَ أَوْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>