قَطَعَ بَرَاجِمَهُ بِالْمَشَاقِصِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَخْبَرَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
غَفَرَ لَهُ، وَوَقَعَ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - التَّقْرِيرُ لِذَلِكَ بَلْ دَعَا لَهُ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ. انتهى. قُلْتُ: وَيَشْهَدُ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} .
قَوْلُهُ: «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ. قَوْلُهُ: «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ فَهُوَ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ» قَالَ الْمَازِرِيُّ: فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذُّنُوبِ، وَرَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ تَعْذِيبَ الْفَاسِق إذَا مَاتَ بِلا تَوْبَةٍ، لأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَنَا بِأَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ.
قَوْلُهُ: «انْطَلِقْ إلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا» إلى آخره قَالَ الْعُلَمَاءُ: فِي هَذَا اسْتِحْبَابُ مُفَارَقَةِ التَّائِبِ لِلْمَوَاضِعِ الَّتِي أَصَابَ بِهَا الذُّنُوبَ، وَالأَخْدَانِ الْمُسَاعِدِينَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَمُقَاطَعَتِهِمْ مَا دَامُوا عَلَى حَالِهِمْ، وَأَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِمْ صُحْبَةَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلاحِ وَالْمُتَعَبِّدِينَ الْوَرِعِينَ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ عَمْدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute