فُلانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى نَفْسٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: الْعَمْدُ وَالْعَبْدُ وَالصُّلْحُ وَالِاعْتِرَافُ لا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَحَكَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلا أَنْ يَشَاءُوا. رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ. وَعَلَى هَذَا وَأَمْثَالِهِ تُحْمَلُ الْعُمُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَعَاقِلَةُ الرَّجُلِ عَشِيرَتُهُ، فَيُبْدَأُ بِفَخِذِهِ الأَدْنَى فَإِنْ عَجَزُوا ضُمَّ إلَيْهِمْ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ الْمُكَلَّفُ الذَّكَرُ الْحُرُّ مِنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ ثُمَّ السَّبَبِ ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ غُلامًا لأُنَاسٍ فُقَرَاءَ) وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ لا يَضْمَنُ أَرْشَ مَا جَنَاهُ وَلا يَضْمَنُ عَاقِلَتَهُ أَيْضًا ذَلِكَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ فِيهِ الْغُلامَ فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ، وَقَدْ حَمَلَهُ الْخَطَّابِيِّ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ كَانَ حُرًّا وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَكَانَتْ عَاقِلَتُهُ فُقَرَاءَ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا إمَّا لِفَقْرِهِمْ وَإِمَّا لأَنَّهُمْ لا يَعْقِلُونَ الْجِنَايَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى الْعَبْدِ عَلَى فَرْضِ أَنَّ الْجَانِيَ كَانَ عَبْدًا، وَقَدْ يَكُونُ الْجَانِي غُلامًا حُرًّا وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَلَمْ يَجْعَلْ أَرْشَهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَانَ فَقِيرًا فَلَمْ يَجْعَلْ فِي الْحَالِ عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ رَآهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَوَجَدَهُمْ فُقَرَاءَ فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا لِفَقْرِهِمْ وَلا عَلَيْهِ لِكَوْنِ جِنَايَتِهِ فِي حُكْمِ الْخَطَأ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعِتْرَةِ إلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْخَطَأ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ. قَالُوا: إذَا شُرِعَتْ لِحَقْنِ دَمِ الْخَاطِئِ تَعَمَّ الْوُجُوبُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لا تَلْزَمُ الْفَقِيرَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَلْزَمُ الْفَقِيرَ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ وَعَمَلٌ. وَقَدْ ذَهَبَ
الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّ عَمْدَ الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَلا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ. وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ فِي الْبَحْرِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute