للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «وَلا كَثُرَ» بِفَتْحِ الْكَافِ والثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَا الْجُمَّار.

قَوْلُهُ «الْجَرِينُ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ وَهُوَ لَهُ كَالْبَيْدَرِ لِلْحِنْطَةِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَرِيسَةِ) قِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَعَلَيْهَا حَرَسٌ. وَقِيلَ: هِيَ السَّيَّارَةُ الَّتِي يُدْرِكُهَا اللَّيْلُ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى مَأْوَاهَا. وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْحَرِيسَةُ الْمَسْرُوقَةُ، وَجِدَارٌ مِنْ حِجَارَةٍ يُعْمَلُ لِلْغَنَمِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ: «فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّأْدِيبِ بِالْمَالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ. وَقَوْلُهُ: «وَضَرْبُ نَكَالٍ» فِيهِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ عُقُوبَةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ.

قَوْلُهُ: (فِي أَكْمَامِهَا) جَمْعُ كِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ: وَهُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ.

وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ رَافِعٍ عَلَى أَنَّهُ لا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ الثَّمَرَ وَالْكَثَرَ سَوَاءٌ كَانَا بَاقِيَيْنِ فِي مَنْبَتِهِمَا أَوْ قَدْ أُخِذَا مِنْهُ وَجُعِلا فِي غَيْرِهِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: وَلا قَطْعَ فِي الطَّعَامِ وَلا فِيمَا أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ. وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا قَطْعَ فِي الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ وَالطَّبَائِخِ وَالشِّوَاءِ

وَالْهَرَائِسِ إذَا لَمْ تُحْرَزْ، وَأَمَّا إذَا أُحْرِزَتْ وَجَبَ فِيهَا الْقَطْعُ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْجُمْهُورِ. وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الأَكْثَرِ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ الْحِرْزُ. وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ فِي الثَّمَرِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْرَزٍ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَإِنَّ فِيهِ: «إنَّ مَنْ أَصَابَ مِنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ بِفِيهِ وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ، وَإِنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُحْرَزَ فِي الْجَرِينِ قُطِعَ إذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ أَيْضًا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَأَحْمَدَ فِي سَارِقِ الْحَرِيسَةِ وَالثِّمَارِ. وَأَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَطَعَ فِي أُتْرُجَّةٍ فَلا يُعَارِضُ مَا وَرَدَ فِي اعْتِبَارِ الْحِرْزِ؛ لأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْحِرْزِ فِيمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الأُتْرُجَّةَ كَانَتْ قَدْ أُحْرِزَتْ وَهَكَذَا حَدِيثُ رَافِعٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ مُطْلَقًا وَلَكِنَّهُ مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>