للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي سِحْرِهِ مَا يَبْلُغُ الْكُفْرَ، فَإِذَا عَمِلَ عَمَلًا دُونَ الْكُفْرِ فَلَمْ نَرَ عَلَيْهِ قَتْلًا. انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (عَنْ الزَّمْزَمَةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الزَّمْزَمَةُ: الصَّوْتُ الْبَعِيدُ لَهُ دَوِيٌّ، وَتَتَابُعُ وَتَرَاطُنُ الْعُلُوجِ عَلَى أَكْلِهِمْ وَهُمْ صُمُوتٌ لا يَسْتَعْمِلُونَ لِسَانًا وَلَا شَفَةً، لَكِنَّهُ صَوْتٌ تُدِيرُهُ فِي خَيَاشِيمِهَا وَحُلُوقِهَا فَيَفْهَمُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ) إلَى آخْره: قَالَ الإِمَامُ الْمَازِرِيُّ: مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ: إثْبَاتُ السِّحْرِ وَأَنَّ لَهُ حَقِيقَةً كَحَقِيقَةِ غَيْرِهِ مِنْ الأَشْيَاءِ خِلافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (دَعَا اللَّهَ وَدَعَا) فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ عِنْدَ حُصُولِ الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ وَتَكْرِيرِهِ وَحُسْنِ الِالْتِجَاءِ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

قَوْلُهُ: (أَفَأَخْرَجْته) وَفِي رِوَايَةٍ: (أَفَلَا أَحْرَقْته) قَالَ النَّوَوِيُّ: كِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: طَلَبَتْ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يُحَرِّقَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَافَاهُ وَأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ إِخْرَاجِهِ وَإحْرَاقِهِ وَإِشَاعَةِ هَذَا ضَرَرًا وَشَرًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إلى أن قَالَ: وَهَذَا مِنْ بَابِ تَرْكِ مَصْلَحَةٍ لِخَوْفِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا. وَذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: «ثَّلَاثَة لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ» قَالَ الشَّارِح: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَهُمْ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مَعْصِيَةٍ صَرَّحَ الشَّارِعُ بِأَنَّ فَاعِلَهَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُصَاةِ الْفَاعِلِينَ لِمَعْصِيَةٍ، وَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَكُونُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورُ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِخُرُوجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ النَّارِ وَدُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ.

قَوْلُهُ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: كَانَتْ الْكِهَانَةُ فِي الْعَرَبِ ثَلَاثَةَ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: يَكُونُ لِلْإِنْسَانِ وَلِيٌّ مِنْ الْجِنِّ يُخْبِرُهُ بِمَا يَسْتَرِقُهُ مِنْ السَّمْعِ مِنْ السَّمَاءِ، وَهَذَا الْقِسْمُ بَطَلَ مِنْ حِينَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّنَا - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>