النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ فَمَا عَمِلْت فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَك، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْت لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
٤١٩٦- وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ الأمْصَارُ، وَسَتَكُونُونَ جُنُودًا مُجَنَّدَةً يُقْطَعُ عَلَيْكُمْ بُعُوثٌ فَيَكْرَهُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ الْبَعْثَ فِيهَا فَيَتَخَلَّصُ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ يَتَصَفَّحُ الْقَبَائِلَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ يَقُولُ: مَنْ أَكْفِيهِ بَعْثَ كَذَا، مَنْ أَكْفِيهِ بَعْثَ كَذَا، أَلا وَذَلِكَ الأجِيرُ إلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
٤١٩٧- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لِلْغَازِي أَجْرُهُ وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
٤١٩٨- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاعِثُ الأوَّلُ قَصْدَ إعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ لَمْ يَضُرَّهُ مَا يَنْضَافُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ» . إلى آخره، قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ الْعَظِيمَةِ مَعَ سُوءِ النِّيَّةِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَبَالِ عَلَى فَاعِلِهِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ صَلاحَ النِّيَّةِ وَخُلُوصَ الطَّوِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «أَلا وَذَلِكَ الأجِيرُ إلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ» قَالَ الشَّارِح: أَيْ لا يَكُونُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ دَمِهِ شَيْءٌ، بَلْ فِي سَبِيلِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الأجْرَةِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْغَزْوِ مَعَ قَوْمِهِ ثُمَّ يَذْهَبُ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِ قَوْمِهِ مِمَّنْ طُلِبُوا إلَى الْغَزْوِ لِيَكُونَ عِوَضًا عَنْ أَحَدِهِمْ بِالأجْرَةِ.
قَوْلُهُ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute