للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُنْذِرِيُّ: أَصْلُهُ مِنْ وَبَرِ الْأَرْنَبِ، وَيُسَمَّى ذَكَرُهُ الْخَزَّ. وَقِيلَ: إنَّ الْخَزَّ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْإِبْرَيْسَمِ. وَفِي النِّهَايَةِ مَا مَعْنَاهُ: أَنَّ الْخَزَّ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَخْلُوطٌ مِنْ صُوفٍ وَحَرِيرٍ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي: إنَّ الْخَزَّ مَا خُلِطَ مِنْ الْحَرِيرِ وَالْوَبَرِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ وَبَرِ الْأَرْنَبِ. ثُمَّ قَالَ: فَسُمِّيَ مَا خَالَطَ الْحَرِيرَ مِنْ سَائِرِ الْأَوْبَارِ خَزًّا. وَالْحَدِيثُ قَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الْخَزِّ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَسَاهُ عِمَامَةَ الْخَزِّ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ اللُّبْسِ. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ قَالَ: (كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ فَخَرَجْت بِهَا فَرَأَيْت الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَأَطَرْتهَا خُمُرًا بَيْنَ نِسَائِي) . وَهَكَذَا قَالَ لِعُمَر: «إنِّي لَمْ

أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا» . قَالَ: وَحَدِيثُ ابْن عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى حِلِّ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَشُوبِ بِالْحَرِيرِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَلَا مُتَمَسَّكَ لِلْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِحِلِّ الْمَشُوبِ. إذَا كَانَ الْحَرِيرُ مَغْلُوبًا إلَّا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا أَعْلَمُ فَانْظُرْ أَيُّهَا الْمُنْصِفُ هَلْ يَصْلُحُ جَعْلُهُ جِسْرًا تُذَادُ عَنْهُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي تَحْرِيمِ مُطْلَقِ الْحَرِيرِ وَمُقَيِّدِهِ، وَهَلْ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ مَعَ مَا فِي إسْنَادِهِ مِنْ الضَّعْفِ. إِلِى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْمُدَّعُونَ لِلْحِلِّ بِشَيْءٍ تَرْكَنُ النَّفْسُ إلَيْهِ، وَغَايَةُ مَا جَادَلُوا بِهِ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهَذَا أَمْرٌ هَيِّنٌ، وَالْحَقُّ لَا يُعْرَفُ بِالرِّجَالِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ: (أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةٌ مَكْفُوفَةٌ بِحَرِيرٍ إمَّا سَدَاهَا وَإِمَّا لَحْمَتُهَا) إِلَى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَخْلُوطِ بِالْحَرِيرِ.

قَوْلُهُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ» . قَالَ الشَّارِحُ: الْخَزّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْحُمَيْدِيِّ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى فِي بَابِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ الْفَرْجُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ ضَبَطَهُ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخَزِّ، وَعَطْفُ الْحَرِيرِ عَلَى الْخَزِّ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ كَلَامَا) قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: «وَلَيَنْزِلَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>