للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٧٤- وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَاهُمَا مَعَ الْفَرِيضَةِ لَمَّا نَامَ عَنْ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَعَلَى اسْتِحْبَابِ التَّعَاهُدِ لَهُمَا وَكَرَاهَةِ التَّفْرِيطِ فِيهِمَا. قَالَ: وَالْحَدِيثُ ... يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. اسْتِحْبَابُ تَخْفِيفِهِما.

قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُؤَذَّنَ بِالصَّلَاةِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ هَذَا الِاضْطِجَاعِ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَشْرُوعٌ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ وَاجِبٌ مُفْتَرَضٌ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَبِدْعَةٌ.

الْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.

الْقَوْلُ الْخَامِسُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَنْ يَقُومُ بِاللَّيْلِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يُشْرَعُ لَهُ.

الْقَوْلُ السَّادِسُ: أَنَّ الِاضْطِجَاعَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْفَصْلُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَبَيْنَ الْفَرِيضَةِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَاختَارُ الشَّارِحُ مَشْرُوعِيَّتَهُ. وقال ابْنُ الْعَرَبِيُّ: لا يُضْطَجَعُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لانْتِظَارِ الصَّلَاةِ إِلا أَنْ يَكُونَ قَامَ الليْلَ فَيَضْطَجِعُ اسْتِجْمَامًا لِصَلاةِ الصُّبْحِ فَلا بَأْسَ.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ» . قَالَ الشَّارِحُ: اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ، فَلَا يَفْعَلْ بَعْدَ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَخْرُجَ الْوَقْتُ الْمَنْهِيُّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهِمَا بَعْد صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ فَهْدٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَنِي أُصَلِّي، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا قَيْسُ أَصَلَاتَانِ مَعًا» ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَمْ أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، قَالَ: «فَلَا إذَنْ» . وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ: «صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ» . فَقَالَ الرَّجُلُ: إنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ، فَسَكَتَ. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ قَضَاءِ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فَاتَتْ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>