لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فَلَا. وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا لَفْظُهُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَبْطَلَ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَعَلَ الْجَمَاعَةَ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَهُمَا تَسْتَدْعِي صِحَّتَهُمَا، وَحَمْلُ النَّصِّ عَلَى الْمُنْفَرِدِ لِعُذْرٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ أَجْرَهُ لَا يَنْقُصُ عَمَّا يَفْعَلُهُ لَوْلَا الْعُذْرُ فَرَوَى أَبُو مُوسَى:
١٣٥٢- عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
١٣٥٣- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قُلْتُ: صَلاةُ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ وَالْمُتَخَلِّفُ عَنْهَا ضَالٌّ تَارِكٌ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَالِكٌ سَبِيلَ الْمُنَافِقِينَ، وَكَمْ قَدْ حَصَلَ بِهَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ مَفَاسِدٍ يَبْكِي لَهَا الإِسْلامُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ: صَلِّ مَعَ الْجَمَاعَةِ. قَالَ: هِيَ سُنَّةٌ إِنْ شِئْتُ صَلَّيْتُ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ شِئْتُ صَلَّيْتُ فِي بَيْتِي فَتَهُونُ عِنْدَهُ صَلاة الْجَمَاعَةِ وَتَثْقُلُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَهُونُ عِنْدَهُ الْوَقْتَ فَلا يُصَلِّيهَا إِلا فِي آخِرِهِ ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ ثُمَّ يُعَاقَبُ بِتَرْكِهَا رَأْسًا وَالاسْتِهْزَاءُ بِأَهْلِهَا. قال الله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون} . وَقَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً} . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابن مَسْعُود - رضي الله عنه - قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا سَالِمًا
فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ. فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - سُنَنِ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَكُمْ صَلَيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute