وَرَتَّبْتُ الأَحَادِيثَ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى تَرْتِيبِ فُقَهَاءِ أَهْلِ زَمَانِنَا لِتَسْهُلَ عَلَى مُبْتَغِيهَا، وَتَرْجَمْت لَهَا أَبْوَابًا بِبَعْضِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِدِ.
وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلصَّوَابِ وَيَعْصِمَنَا مِنْ كُلِّ خَطَأٍ وَزَلَلٍ إنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ.
قَولُه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّمَا افْتَتَحَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ مَعَ إمْكَانِ تَأْدِيَةِ الْحَمْدِ الَّذِي يُشْرَعُ فِي الافْتِتَاحِ بِغَيْرِهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ إذَا أَفْصَحَ الْغُلامُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَّمَهُ هَذِهِ الآيَةَ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
قَوْلُهُ: (وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الْمُرْسَلِ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا) . قَالَ الشَّارِحُ: أَرْدَفَ الْحَمْدَ للهِ بِالصَّلاةِ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِكَوْنِهِ الْوَاسِطَةَ فِي وُصُولِ الْكَمَالاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ إلَيْنَا مِنْ الرَّفِيعِ عَزَّ سُلْطَانُهُ وَتَعَالَى شَأْنُهُ، فَذُكِرَ عَقِبَ ذِكْرِهِ - جَلَّ جَلالُهُ - تَشْرِيفًا لِشَأْنِهِ مَعَ الامْتِثَالِ لأَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَكَذَلِكَ التَّوَسُّلُ بِالصَّلاةِ عَلَى الآلِ وَالأَصْحَابِ لِكَوْنِهِمْ مُتَوَسِّطِينَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُلاءَمَةَ الآلِ وَالأَصْحَابِ لِجَنَابِهِ أَكْثَرُ مِنْ مُلاءَمَتِنَا لَهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. ?
قَوْلُهُ: (لأَحْمَدَ مَعَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِم مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ الشَّارِحُ: الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ هُوَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ دُونِ اعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا، وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَأَحْمَدُ وَلا مُشَاحَّةَ فِي الاصْطِلاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute