للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ: (إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِصَخْرَةٍ) . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ جَعْلِ عَلَامَةٍ عَلَى قَبْرِ الْمَيِّتِ كَنَصْبِ حَجَرٍ أَوْ نَحْوِهَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: (عَنْ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ) . قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ تَحْرِيمُ تَجْصِيصِ الْقُبُورِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) . فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْت الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا) فِيهِ تَحْرِيمُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْقُبُورِ.

قَوْلَهُ: (أَوْ يُزَادُ عَلَيْهِ) بَوَّبَ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْبَيْهَقِيُّ: بَابُ (لَا يُزَادُ عَلَى الْقَبْرِ أَكْثَرُ مِنْ تُرَابِهِ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ) .

قَوْلُهُ: (لَا تَدَعْ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتَهُ) فِيهِ الْأَمْرُ بِتَغْيِيرِ صُوَرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنَّ الْقَبْرَ لَا يُرْفَعُ رَفْعًا كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَنْ كَانَ فَاضِلًا وَمَنْ كَانَ غَيْرَ فَاضِلٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفْعَ الْقُبُورِ زِيَادَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مُحَرَّمٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْظُورٍ لِوُقُوعِهِ مِنْ

السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِلَا نَكِيرٍ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى وَالْمَهْدِيُّ فِي الْغَيْثِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ، وَالسُّكُوتُ لَا يَكُونُ دَلِيلًا إذَا كَانَ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ، وَتَحْرِيمُ رَفْعِ الْقُبُورِ ظَنِّيٌّ، وَمِنْ رَفْعِ الْقُبُورِ الدَّاخِلِ تَحْتَ الْحَدِيثِ دُخُولًا أَوَّلِيَّا الْقُبَبُ وَالْمَشَاهِدُ الْمَعْمُورَةُ عَلَى الْقُبُورِ، وَأَيْضًا هُوَ مِنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاعِلَ ذَلِكَ، وَكَمْ قَدْ سَرَى عَنْ تَشْيِيدِ أَبْنِيَةِ الْقُبُورِ وَتَحْسِينِهَا مِنْ مَفَاسِدَ يَبْكِي لَهَا الْإِسْلَامُ، مِنْهَا اعْتِقَادُ الْجَهَلَةِ لَهَا كَاعْتِقَادِ الْكُفَّارِ لِلْأَصْنَامِ: وَعَظُمَ ذَلِكَ فَظَنُّوا أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى جَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ فَجَعَلُوهَا مَقْصِدًا لِطَلَبِ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَمَلْجَأً لِنَجَاحِ الْمَطَالِبِ وَسَأَلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>