للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالَ وَخِيَارِهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ) إلَى آخِرِهِ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ قَبُولُ مَا هُوَ أَدْوَنَ، وَيَأْخُذُ التَّفَاوُتَ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَكَذَا الْعَكْسُ.

قَوْلُهُ: (فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ) . مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الشَّاةُ الرَّابِعَةُ حَتَّى تُوُفِّيَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) . أَي معِيبة. قَالَ الشَّارِحُ: وَاختلف فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ فِي الْبَيْعِ، وَقِيلَ: مَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَعِيبِ الْمَرِيضُ، وَالذَّكَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سِنٍّ أَكْبَرَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَيْسٌ) . وَهُوَ فَحْلُ الْغَنَمِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: اختلف فِي ضَبْطِهِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ، وَالْمُرَادُ الْمَالِكُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ: لَا

هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ أَصْلًا، وَلَا يَأْخُذُ التَّيْسَ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إضْرَارٌ بِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِالثَّالِثِ. وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُوَ السَّاعِي، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى التَّفْوِيضِ إلَيْهِ فِي اجْتِهَادِهِ لِكَوْنِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَكِيلِ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِمَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) . قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: مَعْنَى هَذَا أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فَيَجْمَعُونَهَا حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فِيهَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ يَكُونُ لِلْخَلِيطَيْنِ مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَيُفَرِّقُونَهَا حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى إبْطَالِ الْحِيلَةِ وَالْعَمَلِ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِالْقَرَائِنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>