فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ) إلخ. قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ التَّنْظِيفُ وَالطِّيبُ وَالْغُسْلُ وَالْحَلْقُ وَالتَّزْيِينُ إلْحَاقًا بِالتَّرْجِيلِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِيهِ إلَّا مَا يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ بَعْضَ بَدَنِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَادِحًا فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) . فَسَّرَهَا الزُّهْرِيُّ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَقَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى اسْتِثْنَائِهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْحَاجَاتِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ: الْقَيْءُ وَالْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهَا: (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثَانِ اُسْتُدِلَّ بِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَلَا لِمَا يُمَاثِلُهَا مِنْ الْقُرَبِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ: إنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ بِفِعْلِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إلَّا بِصَوْمٍ، وَأَنَّهُ شَرْطٌ. قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ. قَالَ أَبُو دَاودُ: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن إِسْحَاقٍ لا يَقُولُ فِيهِ: قَالَتْ: السنة) . انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ شَرْطٌ لِلِاعْتِكَافِ. وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا.
وَقَوْلُهُ: (أَنْ أَعْتَكِفُ لَيْلَة) . اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ صَوْمٍ.
وَقَوْلُهُ: (لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ» . أَوْ قَالَ: «فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ» . قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ الَّتِي فِيهِ بَيْنَ حُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَفْظُهُ: «إنَّ حُذَيْفَةَ جَاءَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: أَلَا أَعْجَبَكَ مِنْ قَوْمٍ عُكُوفٌ بَيْنَ دَارِك وَدَارِ الْأَشْعَرِيِّ. يَعْنِي الْمَسْجِدَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَعَلَّهُمْ أَصَابُوا وَأَخْطَأْتُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ يُخَالِفُهُ وَيَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute