مَجْلِسِهِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، فَسَمِعَ ذَلِك مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا: إنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، ثُمَّ مَضَى؛ فَلَمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ فَأَدْرَكَ ذَاكَ أَقْوَامٌ فَقَالُوا: إنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ عَلا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ وَاَيْمُ اللَّهِ
لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصَلَّاهُ وَأَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَأَهَلَّ حِينَ عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
٢٣٧٤- وَلِبَقِيَّةِ الْخَمْسَةِ مِنْهُ مُخْتَصَرًا: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهَا: (كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ إحْرَامِهِ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّطَيُّبِ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ وَلَوْ بَقِيَتْ رَائِحَتُهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ رَائِحَتِهِ وَلَوْنِهِ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ ابْتِدَاؤُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالنَّاصِرُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّطَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ وَهَلْ تَلْزَمُ الْفِدْيَةُ أَوْ لَا؟ إِلِى أَنْ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ هُوَ مَا تَطَيَّبَ بِهِ ابْتِدَاءً بَعْدَ إحْرَامِهِ لَا مَا فَعَلَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ وَبَقِيَ أَثَرُهُ لَوْنَا وَرِيحَا.
قَوْلُهُ: (وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) . اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ خِلَافَا لِلْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَد فَإِنَّهُ أَجَازَ لُبْسَ الْخُفَّيْنِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي فِي بَابِ مَا يَتَجَنَّبُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ اللِّبَاسِ بِلَفْظِ: «وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ» وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَازِمٌ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ بِهِ.
قَوْلُهُ: (ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ) فِيهِ جَوَازُ الِادِّهَانُ بِالْأَدْهَانِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ الزَّيْتَ وَالشَّحْمَ والشّيرجَ وَأَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute