للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣٩٨- وَعَنْ الْبَرَّاء بِن عَازَب قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلي مِنَ الْيَمَنِ عَلَى ... رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَجَدْتُ فَاطِمَةَ قَدْ لَبَسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَقَدْ نَضَحَتْ الْبَيْتَ بِنضُوح فَقَالَتْ: مَا لَكَ؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَحَلُّوا. قَالَ: قُلْتْ لَهَا: إِنِّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلالِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِي: «كَيْفَ صَنَعْتُ» ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ

سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ» . قَالَ: فَقَالَ لِي: «انْحَرْ لِي مِن الْبدن سَبْعًا وَسِتِّينَ أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ وانْسُكْ لِنَفْسِكَ ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ وَأَمْسِكَ لِي مِنْ كُلِّ بُدْنَةْ مِنَّهَا بِضْعَةْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «فَقَالَ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ» إلَى آخِرِهِ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ إفْرَادًا وَقِرَانًا وَتَمَتُّعًا. وَالْإِفْرَادُ: هُوَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ وَالِاعْتِمَارُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِمَنْ شَاءَ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَالْقِرَانُ: هُوَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا، وَهُوَ أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ أَوْ الْإِهْلَالِ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْحَجُّ أَوْ عَكْسُهُ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَالتَّمَتُّعُ هُوَ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ التَّحَلُّلُ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ وَالْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَيُطْلَقُ التَّمَتُّعُ فِي عُرْفِ السَّلَفِ عَلَى الْقِرَانِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمِنْ التَّمَتُّعِ أَيْضًا فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، وَتَأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّمَتُّعِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اختلف فِي حَجِّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ كَانَ قُرَانَا أَوْ تَمَتُّعًا أَوْ إفْرَادًا، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ عِيَاضٌ: وَأَمَّا إحْرَامُهُ فَقَدْ تَظَافَرَتْ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ بِأَنَّهُ كَانَ مُفْرَدًا. وَأَمَّا رِوَايَاتُ مَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: «وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ. وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ آخِرِ أَحْوَالِهِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لَمَّا جَاءَ إلَى الْوَادِي، وَقِيلَ: (قُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ) . قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا الْجَمْعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: «أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِم: (فَنَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّين بِيَدِهِ ثُمَّ أعَطى عَلِيًّا فَنَحرَ مَا غَبَر) قَالَ النَّوَوِي: وَهُوَ الصَّوَابُ لا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُد.

<<  <  ج: ص:  >  >>