الَّتِي تُذْبَحُ لِلْمَوْلُودِ. وَالْعَقُّ فِي الْأَصْلِ: الشِّقّ وَالْقَطْعُ وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّهُ يُشَقُّ حَلْقُهَا بِالذَّبْحِ. وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعَقِيقَةِ عَلَى شَعْرِ الْمَوْلُودِ. وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيّ الْأَصْلَ، وَالشَّاةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْهُ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَكَانَ بَعْضُ الأَعْرَابِ يُسَمِّي جزة الصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِ الضَّأْن عقة، وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: (فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا) . تَمَسَّكَ بِهَذَا وَبِبَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَهُمْ الظَّاهِرِيَّةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، واحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ» .
قَوْلُهُ: (وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى) . الْمُرَادُ احْلِقُوا عَنْهُ شَعْرَ رَأْسِهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْأَوْلَى حَمْلُ الْأَذَى عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ) . قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَمَعْنَى قَوْلُهُ: (رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ) : أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا. فَشَبَّهَ فِي لُزُومِهَا لَهُ وَعَدَم انْفِكَاكَها منها بِالرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ.
قَوْلُهُ: (يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ) . بِضَمِّ الْيَاءِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْعَقِيقَةِ سَابِعُ الْوِلَادَةِ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ تُذْبَحَ الْعَقِيقَةُ فِي السَّابِعِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَفِي الرَّابِعَ عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَيَوْمِ أَحَدِ وَعِشْرِينَ. وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْوِلَادَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تُؤَخَّرُ
عَنْ السَّابِعِ اخْتِيَارًا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ إلَى الْبُلُوغِ سَقَطَتْ عَمَّنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ لَكِنْ إنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ فَعَلَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ هَكَذَا صَوَابُهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: أَيْ: مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي هَذه الأَحاديثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي الْعَقِيقَةِ شَاتَانِ عَنْ الذَّكَرِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا شَاةٌ عَنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الشَّاتَيْنِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَهِيَ أَوْلَى. وَقِيلَ: إنَّ فِي اقْتِصَارِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَاةٍ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الشَّاتَيْنِ مُسْتَحَبَّةٌ فَقَطْ وَلَيْسَتْ بِمُتَعَيَّنَةٍ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ) إلَى آخِرِهِ. فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّأْذِينِ فِي أُذُنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute