للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَقْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ نَقْدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَخْلِطَا ذَلِكَ حَتَّى لا يَتَمَيَّزَ ثُمَّ يَتَصَرَّفَا جَمِيعًا، إلا أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَقَدْ حَكَى أَيْضًا ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا: إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمُ مِنْ الآخَرِ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّونَ إلا الثَّوْرِيَّ، وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى الصِّحَّةِ فِي كُلِّ مَا يُتَمَلَّكُ، إلى أن قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الأَصْلَ الْجَوَازُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الأَمْوَالِ، فَلا تُقْبَلُ دَعْوَى الاخْتِصَاصِ بِالْبَعْضِ إلا بِدَلِيلٍ.

قَوْلُهُ: (اشْتَرَكْت أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ) قَالَ الشَّارِحُ: اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى جَوَازِ شَرِكَةِ الأَبْدَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ الْعَامِلانِ فِيمَا يَعْمَلانِهِ فَيُوَكِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَعْمَلَ عَنْهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَيُعَيِّنَانِ الصَّفَةَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ إلَى الآخَرِ رَاحِلَتَهُ فِي الْجِهَادِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا أَعْطَاهُ مَالًا مُقَارَضَةً) إلى آخره، وَفِي تَجْوِيزِ الْمُضَارَبَةِ آثَارٌ: مِنْهَا عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمُضَارَبَةِ الْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَعْطَى زَيْدَ بْنَ خَلِيدَةَ مَالاً مُقَارَضَةً، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ كَانَ إذَا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً فَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِيهَا أَنَّهُ رَفَعَ الشَّرْطَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَجَازَهُ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أُعْطِيَ مَالَ يَتِيمٍ مُضَارَبَةً إلى أن قَالَ: فَهَذِهِ الآثَارُ

تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ) أَيْ: لا تَشْتَرِيَ بِهِ الْحَيَوَانَاتِ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لأَنَّ مَا كَانَ لَهُ رُوحٌ عُرْضَةٌ لِلْهَلاكِ بِطُرُوءِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>