للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠٨٧- وَعَنْ عُتْبَةُ بْنِ النُّدَّرِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ: {طس} حَتَّى بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: «إنَّ مُوسَى آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِي سِنِينَ أَوْ عَشْرَ سِنِينَ، عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (حَتَّى يُبَيَّنَ لَهُ أَجْرُهُ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُ قَدْرِ الأُجْرَةِ وَهُمْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ شُبْرُمَةَ: لا يَجِبُ لِلْعُرْفِ وَاسْتِحْسَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الأَوَّلَ الْقِيَاسُ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ) حَكَى الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَحَدِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يُقَالَ لِلطَّحَّانِ: اطْحَنْ بِكَذَا وَكَذَا وَزِيَادَةِ قَفِيزٍ مِنْ نَفْسِ الطَّحِينِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالنَّاصِرُ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الأُجْرَةُ بَعْضَ الْمَعْمُولِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالإِمَامُ يَحْيَى وَالْمُزَنِيِّ: إنَّهُ يَصِحُّ بِمِقْدَارٍ مِنْهُ مَعْلُومٍ وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مِقْدَارَ الْقَفِيزِ مَجْهُولٌ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ الاسْتِئْجَارُ عَلَى طَحْنِ صُبْرَةٍ بِقَفِيزٍ مِنْهَا بَعْدَ طَحْنِهَا، وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ. قلت: حَدِيثِ قَفِيزِ الطَّحَّان َفِي إسْنَادِهِ هشام أبو كليب، قال الذهبي: لا يعرف وحديثه منكر، وأورده ابن حبان في الثقات.

قَوْلُهُ: «وَطَعَامِ بَطْنِهِ» فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمِثْلُهَا الْكِسْوَةُ. انتهى.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَيَصِحُّ أَنْ يُسْتَأْجَرَ الأَجِيرُ وَالظِّئْرُ بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُسْتَأْجَرَ الدَّابَةَ بَعَلَفِهَا وَهُوَ رُوَايَة عَنْ أَحْمَدٍ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْحَيَوَانَ لأَخْذِ لَبَنه، وَلَوْ جَعَلَ الأُجْرَةَ نَفَقَتَهُ. وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ أُجْرَةِ الْحَيَوَانِ لأَخْذِ لَبَنه فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ تَبَعًا لِنَصِّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرِطَ شُرُوطًا ضَيَّقَ بِها مَوَارِدَ النَّصِ وَلَمْ يَدُلُّ عَلَيْهَا نَصَّهُ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَيَوَانًا لِلَبَنِهِ فَنَقَصَ لَبَنَهُ عَنِ الْعَادَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَيَجُوزُ إِجَارَةَ مَاء قَنَاةٍ مُدَّةً، وَيَجُوزُ إِجَارَةَ الشَّجَرِ لأَخْذِ ثَمَرِهِ، وَالشَّمْعِ لِيَشْعَلَهُ، وَهُوَ قِياسُ الْمَذْهَبِ فِيمَا إِذَا أَجَّرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>