للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمَنَ، فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَى زَوْجِهَا بِالْيَمَنِ وَدَعَتْهُ إلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إلا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا، إلا أَنْ يَقْدَمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إذَا قَدِمَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا. رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحَدِيثُ عَمْرُو بِنْ شُعَيْب تُعَضِّدَهُ الأُصُول، وَقَدْ صَرَّحَ فِيه بِوُقُوعِ عَقْدٍ جَدِيدٍ وَالأَخْذُ بِالصَّرِيحِ أَوْلَى مِنَ الأَخْذِ بِالْمُحْتَمِلِ، وَيُؤَيِّدَهُ مُخَالَفَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا رَوَاهُ كَمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ الْبُخَارِي، قَالَ الْحَافِظُ: وَأَحْسَنُ الْمَسَالِكِ فِي تَقْرِيرِ الْحَدِيثَيْنِ تَرْجِيحِ حَدِيث ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا رَجَّحَهُ الأَئِمَّة وَحَمَلَهُ عَلَى تَطَاول الْعِدَّةِ فِيمَا بَيْنَ نُزُولِ آيَة التَّحْرِيمِ وَإِسْلامِ أَبِي الْعَاصِ، وَلا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهدى مَا مُحَصِّلَهُ: إِنَّ اعْتِبَارَ الْعِدَّة لَمْ يُعْرَفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَحَادِيثِ وَلا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ الْمَرْأَةُ هَلِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَمْ لا، وَلَوْ كَانَ الإِسْلامُ بِمُجَرَّدِهِ فُرْقَة لَكَانَتْ طَلْقَة بَائِنَة وَلا رَجْعَةَ فِيهَا فَلا يَكُونُ الزَّوْجُ أَحَقُّ بِهَا إِذَا أَسْلَمَ وَقَدْ دَلَّ حُكْمِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْل انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَهِي زَوْجَتُهُ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ، وَإِنْ أَحَبَّتْ انْتَظَرَتْهُ وَإِذَا أَسْلَمَ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَجْدِيدِ نِكَاحٍ. قَال: وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا جَدَّدَ بَعْدَ

الإِسْلامِ نِكَاحَهُ الْبَتَّةَ بَلْ كَانَ الْوَاقِعُ أَحَدُ الأَمْرَيْنِ إِمَّا افْتِرَاقُهُمَا وَنِكَاحُهَا غَيْرِهِ وَإِمَّا بَقَاؤُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الأَوَّلِ إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ. وَأَمَّا تَنْجِيزِ الْفُرْقَةِ أَوْ مُرَاعَاةُ الْعِدَّة فَلَمْ يُعْلَمْ أََنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِوَاحِدَ مِنْهُمَا مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي عَهْدِهِ، وَهَذَا كَلامٌ فِي غَايَةَ الْحُسْنِ وَالْمَتَانَة. قَالَ: وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخَلال وَأَبِي بَكْرٍ صَاحِبَهُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنِ حَزْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنُ وَطَاوسُ وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالْحَكَمُ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ قَوْلُ عُمَر بن الْخَطَّابِ وَجَابِرٍ بن عَبْدِ اللهِ وَابْن عَبَّاسٍ ثُمَّ عَدَّ آخَرِينَ. انْتَهَى.

قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا أَسْلَمْتِ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ كَافِرٌ ثٌمَّ أَسْلَمَ قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْد الدُّخُول فَالنِّكَاحِ بَاقٍ مَا لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ وَالأَمْرُ إِلَيْهَا وَلا حُكْم

<<  <  ج: ص:  >  >>