للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الدَّابَّةِ فِي الْعُرْفِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ الدَّبِيبُ، وَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ اسْمِ الصَّلَاةِ شَرْعًا عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ دُعَاءٌ (وَيَثْبُتُ أَيْضًا أَنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا قَلَّ اسْتِعْمَالُهَا صَارَتْ مَجَازًا، وَالْمَجَازُ إذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ صَارَ حَقِيقَةً ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ إنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَتِرُ الْمُرَادُ فَصَرِيحٌ، وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ فَالْحَقِيقَةُ الَّتِي لَمْ تُهْجَرْ صَرِيحٌ، وَاَلَّتِي هُجِرَتْ، وَغُلِّبَ مَعْنَاهَا الْمَجَازِيُّ كِنَايَةٌ، وَالْمَجَازُ الْغَالِبُ الِاسْتِعْمَالِ صَرِيحٌ، وَغَيْرُ الْغَالِبِ كِنَايَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الصَّرِيحَ، وَالْكِنَايَةَ اللَّذَيْنِ هُمَا قِسْمَا الْحَقِيقَةِ صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَاَللَّذَيْنِ هُمَا قِسْمَا الْمَجَازِ

ــ

[التلويح]

أَوْ لِمَا هُوَ مُلَابِسٌ لَهُ بِنَوْعِ عَلَاقَةٍ فَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ الْوَضْعِ، وَالتَّعْيِينُ لِلْمَعْنَى الثَّانِي كَافٍ فِي ذَلِكَ، وَأَيْضًا يَلْزَمُ صِحَّةُ إطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْمُصَحِّحِ كَمَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْمَجَازِ عَلَى كُلِّ مَا تُوجَدُ فِيهِ الْعَلَاقَةُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمَنْقُولَ قَدْ هُجِرَ مَعْنَاهُ الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَا يُطْلَقُ عَلَى أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَوْضُوعًا لِلْمَعْنَى الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ الْمَوْضُوعَاتِ الْمُبْتَدَأَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا اعْتِبَارُ مَعْنًى سَابِقٍ. إنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِيهِ لَيْسَ لِصِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَلَا لِصِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى أَفْرَادِ الْمَعْنَى الثَّانِي لِيَلْزَمَ مَا ذَكَرْتُمْ بَلْ لِأَوْلَوِيَّةِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ بَيْنِ الْأَلْفَاظِ بِالتَّعْيِينِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى الثَّانِي فَإِنَّ وَضْعَ لَفْظِ الدَّابَّةِ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْلَى، وَأَنْسَبُ مِنْ وَضْعِ الْجِدَارِ لَهَا لِوُجُودِ مَعْنَى الدَّبِيبِ فِيهَا فَالتَّنَاسُبُ مَرْعِيٌّ فِي وَضْعِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ، وَلَا يَلْزَمُ صِحَّةُ إطْلَاقِهِ حَقِيقَةً عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ التَّنَاسُبُ، وَهَذَا مَعْنَى عَدَمِ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ، وَهَذَا الْبَحْثُ مِمَّا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ فِي وَجْهِ تَسْمِيَةِ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ) يَعْنِي أَنَّ الصَّرِيحَ، وَالْكِنَايَةَ أَيْضًا مِنْ أَقْسَامِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَلَيْسَتْ الْأَرْبَعَةُ أَقْسَامًا مُتَبَايِنَةً أَمَّا عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ فَلِأَنَّ الصَّرِيحَ مَا انْكَشَفَ الْمُرَادُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ لَفْظًا مُسْتَعْمَلًا، وَالْكِنَايَةُ مَا اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرَادُ فِيهِمَا مَعْنًى حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى مَجَازِيًّا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي نَفْسِهِ عَنْ اسْتِتَارِ الْمُرَادِ فِي الصَّرِيحِ بِوَاسِطَةِ غَرَابَةِ اللَّفْظِ أَوْ ذُهُولِ السَّامِعِ عَنْ الْوَضْعِ أَوْ عَنْ الْقَرِينَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَعَنْ انْكِشَافِ الْمُرَادِ فِي الْكِنَايَةِ بِوَاسِطَةِ التَّفْسِيرِ، وَالْبَيَانِ فَمِثْلُ الْمُفَسَّرِ، وَالْمُحْكَمِ دَاخِلٌ فِي الصَّرِيحِ، وَمِثْلُ الْمُشْكِلِ، وَالْمُجْمَلِ فِي الْكِنَايَةِ لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ هَذِهِ أَقْسَامٌ مُتَمَايِزَةٌ بِالْحَيْثِيَّاتِ، وَالِاعْتِبَارَاتِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، وَالذَّاتِ، وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِتَارُ، وَالِانْكِشَافُ بِحَسَبِ الِاسْتِعْمَالِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ قَاصِدِينَ الِاسْتِتَارَ، وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا فِي اللُّغَةِ. وَالِانْكِشَافُ، وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا فِي اللُّغَةِ احْتِرَازًا عَنْ أَمْثَالِ ذَلِكَ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ، وَأَمَّا عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>