للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ لِتَرْجِيحِ هَذَا الِاسْمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ (فِي تَخْصِيصِهِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي) أَيْ تَخْصِيصِ هَذَا الِاسْمِ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَالْمُرَادُ بِالتَّرْجِيحِ الْأَوْلَوِيَّةُ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْوَاضِعَ قَدْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُنَاسَبَةُ كَالْجِدَارِ، وَالْحَجَرِ، وَقَدْ يُعْتَبَرُ فِيهِ كَالْقَارُورَةِ، وَالْخَمْرِ (وَاعْتِبَارُ) الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِي الْوَضْعِ الثَّانِي لِبَيَانِ الْمُنَاسَبَةِ، وَالْأَوْلَوِيَّةِ لَا لِصِحَّةِ الْإِطْلَاقِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يُسَمَّى الدَّنُّ قَارُورَةً فَلِهَذَا السِّرِّ لَا يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي اللُّغَةِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ سَائِرَ الْأَشْرِبَةِ خَمْرٌ لِمَعْنَى مُخَامَرَةِ الْعَقْلِ فَإِنَّ مَعْنَى الْمُخَامَرَةِ لَيْسَ مُرَاعًى فِي الْخَمْرِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْخَمْرِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ الْمُخَامَرَةُ بَلْ لِأَجْلِ الْمُنَاسَبَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِيَضَعَ الْوَاضِعُ لِهَذَا الْمَعْنَى لَفْظًا مُنَاسِبًا لَهُ فَاحْفَظْ هَذَا الْبَحْثَ فَإِنَّهُ بَحْثٌ شَرِيفٌ بَدِيعٌ لَمْ تَزُلْ أَقْدَامُ مَنْ سَوَّغَ الْقِيَاسَ فِي اللُّغَةِ إلَّا لِغَفْلَةٍ عَنْهُ (فَيُطْلَقُ الْأَسَدُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُوجَدُ فِيهِ الشُّجَاعَةُ مَجَازًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، وَالصَّلَاةِ) أَيْ لَمَّا عُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِي الْمُجَازِ إنَّمَا هُوَ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ لَازِمُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَاعْتِبَارُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فِي الْمَنْقُولِ لَيْسَ لِصِحَّةِ الْإِطْلَاقِ فَيَصِحُّ إطْلَاقُ الْأَسَدِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ الشُّجَاعَةُ

ــ

[التلويح]

مِنْ مَعْنًى عُرْفِيٍّ أَوْ اصْطِلَاحِيٍّ مَثَلًا، وَغَيْرُ ذَلِكَ بَلْ اللُّغَةُ أَصْلٌ، وَالنَّقْلُ طَارِئٌ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُقَالَ مَنْقُولٌ لُغَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ كَالدَّابَّةِ لِذِي الْأَرْبَعِ خَاصَّةً، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ لِمَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ فَإِطْلَاقُ اللَّفْظِ مَا هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الثَّانِي أَعْنِي الْمُقَيَّدَ إنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَعْنِي الْمُطْلَقَ فَاللَّفْظُ حَقِيقَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ مَجَازٌ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الثَّانِي فَحَقِيقَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ الثَّانِي مَجَازٌ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ مَثَلًا لَفْظُ الدَّابَّةِ فِي الْفَرَسِ إنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ فَحَقِيقَةٌ لُغَةً مَجَازٌ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ فَمَجَازٌ لُغَةً حَقِيقَةٌ عُرْفًا لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُوضَعْ فِي اللُّغَةِ لِلْمُقَيَّدِ بِخُصُوصِهِ، وَلَا فِي الْعُرْفِ لِلْمُطْلَقِ بِإِطْلَاقِهِ فَلَفْظُ الدَّابَّةِ فِي الْفَرَسِ بِحَسَبِ اللُّغَةِ حَقِيقَةٌ بِاعْتِبَارٍ مَجَازٌ بِاعْتِبَارٍ، وَكَذَا بِحَسَبِ الْعُرْفِ، وَلَمَّا كَانَ هَاهُنَا مَظِنَّةُ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمُلَاحَظَتَهُ فِي نَقْلِ اللَّفْظِ إلَى الْمَعْنَى الثَّانِي إنْ كَانَ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَلَى أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَعْنِي الْمَنْقُولَ عَنْهُ كَالْحَقِيقَةِ يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهَا لِيَصِحَّ إطْلَاقُهَا عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَفْهُومُ لَزِمَ صِحَّةُ إطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَلَى كُلِّ مَا يُوجَدُ فِيهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْمُصَحِّحِ، وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى أَفْرَادِ الْمَعْنَى الثَّانِي أَعْنِي الْمَنْقُولَ إلَيْهِ كَالْمَجَازِ يُعْتَبَرُ مَعْنَاهُ الْأَوَّلُ أَعْنِي الْحَقِيقِيَّ لِتَعَرُّفِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمَعْنَى الثَّانِي أَعْنِي الْمَجَازِيَّ فَيَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى أَفْرَادِ الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ لَازِمُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْ مُلَابِسٌ لَهُ بِنَوْعِ عَلَاقَةٍ لِأَنَّ صِحَّةَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى إنَّمَا يَكُونُ لِوَضْعِهِ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>