فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْمَتْنِ بَعْضَ الْأَزْمَانِ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ تَقْدِيرُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ الْمَوْضُوعِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ حَاصِلٌ لِذَلِكَ الْمُسَمَّى فَإِنْ كَانَ زَمَانُ الْحُصُولِ عَيْنَ زَمَانٍ وُضِعَ اللَّفْظُ لِلْحُصُولِ فِيهِ كَانَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا وُضِعَ لَهُ، وَالْمُقَدَّرُ خِلَافُهُ فَهَذَا الْقَيْدُ مَفْرُوغٌ عَنْهُ (أَوْ بِالْقُوَّةِ فَمَجَازٌ بِالْقُوَّةِ كَالْمُسْكِرِ لِخَمْرٍ أُرِيقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ أَصْلًا) أَيْ لَا بِالْفِعْلِ، وَلَا بِالْقُوَّةِ.
(فَلَا بُدَّ وَأَنْ تُرِيدَ مَعْنًى لَازِمًا لِمَعْنَاهُ الْوَضْعِيِّ ذِهْنًا) أَيْ يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ مِنْ الْوَضْعِيِّ، وَالْمُرَادُ الِانْتِقَالُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ تَصَوُّرِهِ تَصَوُّرُهُ كَالْبَصِيرِ إذَا أُطْلِقَ عَلَى الْأَعْمَى، وَكَالْغَائِطِ إذَا أُطْلِقَ
ــ
[التلويح]
وَدَلَالَتَهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ حَاصِلًا لِلْمُسَمَّى فِي حَالَةِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ فَفِي مِثْلِ {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٢] وَ {أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] وُضِعَ الْكَلَامُ عَلَى أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةُ الْيَتِيمِ خَالِصَةً لَهُمْ، وَقْتَ إيتَاءِ الْأَمْوَالِ إيَّاهُمْ، وَحَقِيقَةُ الْخَمْرِ حَاصِلَةٌ لَهُ حَالَ الْعَصْرِ فَلَوْ حَصَلَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى وَضْعِ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مَجَازًا بَلْ حَقِيقَةً فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُصُولُ فِي زَمَانٍ سَابِقٍ لِيَكُونَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ لَاحِقٌ لِيَكُونَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفِعْلِ فَالْمُرَادُ بِاللَّفْظِ نَفْسُ الْفِعْلِ، وَبِالزَّمَانِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ بِهَيْئَتِهِ فَإِذَا قُلْنَا يَكْتُبُ زَيْدٌ مَجَازًا عَنْ كَتَبَ زَيْدٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَمَعْنَى حُصُولِ مَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلْمُسَمَّى أَنَّ مَعْنَى جَوْهَرِ الْحُرُوفِ، وَهُوَ الْحَدَثُ حَاصِلٌ لِلْمُسَمَّى فِي زَمَانٍ سَابِقٍ عَلَى الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْفِعْلِ أَعْنِي الْحَالَ أَوْ الِاسْتِقْبَالَ إذْ لَوْ كَانَ حَاصِلًا لَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَكَانَ الْفِعْلُ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، وَإِذَا قُلْنَا كَتَبَ زَيْدٌ مَجَازًا عَنْ يَكْتُبُ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ فَمَعْنَى حُصُولِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلْمُسَمَّى أَنَّ الْحَدَثَ حَاصِلٌ لَهُ فِي زَمَانٍ لَاحِقٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الزَّمَانِ الْمَاضِي الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ بِهَيْئَتِهِ إذْ لَوْ كَانَ حَاصِلًا لَهُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي لَكَانَ الْفِعْلُ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا فَالزَّمَانُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَلِلْمُسَمَّى فِي الصُّورَتَيْنِ مُغَايِرٌ لِلزَّمَانِ الَّذِي وُضِعَ لَفْظُ الْفِعْلِ لِحُصُولِ الْحَدَثِ فِيهِ هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ فِي الِاسْمِ نَفْسَ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَفِي الْفِعْلِ جَزَّأَهُ أَعْنِي الْحَدَثَ، وَبِالْمُسَمَّى الِاسْمُ مَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مِنْ الْمَدْلُولِ الْمَجَازِيِّ، وَفِي الْفِعْلِ الْفَاعِلُ إذْ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ الْحَدَثُ فِي زَمَانٍ سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُسَمَّى الَّذِي أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْمَجَازُ الَّذِي هُوَ لَفْظُ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا الْمَدْلُولُ الْمَجَازِيُّ هُوَ الْحَدَثُ الْمُقَارَنُ بِزَمَانٍ سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ، وَلَا مَعْنَى لِحُصُولِ الْحَدَثِ لَهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ التَّعْبِيرُ عَلَى الْمَاضِي بِالْمُضَارِعِ، وَعَكْسِهِ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ عَلَى تَشْبِيهِ غَيْرِ الْحَاصِلِ فِي تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ، وَتَشْبِيهِ الْمَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute