عَلَى الْحَدَثِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّازِمُ الذِّهْنِيُّ (إمَّا ذِهْنِيٌّ مَحْضٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا لُزُومٌ فِي الْخَارِجِ (كَتَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مُقَابِلِهِ) كَمَا يُطْلَقُ الْبَصِيرُ عَنْ الْأَعْمَى (أَوْ مُنْضَمٌّ إلَى الْعُرْفِيِّ) إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا لُزُومٌ فِي الْخَارِجِ أَيْضًا لَكِنْ بِحَسَبِ عَادَاتِ النَّاسِ كَالْغَائِطِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي الْعُرْفِ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُطْمَئِنِّ حَصَلَ بَيْنَهُمَا مُلَازَمَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا الْعُرْفِ يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ مِنْ الْمَحَلِّ إلَى الْحَالِ فَيَكُونُ ذِهْنِيًّا مُنْضَمًّا إلَى الْعُرْفِيِّ (أَوْ الْخَارِجِيِّ) أَيْ يَكُونُ الذِّهْنِيُّ مُنْضَمًّا إلَى الْخَارِجِيِّ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا لُزُومٌ فِي الْخَارِجِ لَا بِحَسَبِ عَادَاتِ النَّاسِ بَلْ بِحَسَبِ الْخِلْقَةِ فَصَارَ اللُّزُومُ الْخَارِجِيُّ قِسْمَيْنِ عُرْفِيًّا، وَخُلُقِيًّا فَسَمَّى الْأَوَّلَ عُرْفِيًّا، وَالثَّانِيَ خَارِجِيًّا.
(وَحِينَئِذٍ) أَيْ إذَا كَانَ اللُّزُومُ الذِّهْنِيُّ مُنْضَمًّا إلَى الْعُرْفِيِّ أَوْ الْخَارِجِيِّ.
(أَمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَبِالْعَكْسِ كَالْجَمْعِ لِلْوَاحِدِ) ، وَهُوَ نَظِيرُ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ.
(وَالرَّقَبَةُ لِلْعَبْدِ) ، وَهُوَ نَظِيرُ إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ (أَوْ خَارِجًا عَنْهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ جُزْءًا لِلْآخَرِ.
(وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ اللَّازِمُ صِفَةً لِلْمَلْزُومِ وَهُوَ) أَيْ اللُّزُومُ (إمَّا بِحُصُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِمَّا بِالسَّبَبِيَّةِ
ــ
[التلويح]
بِالْحَاضِرِ فِي كَوْنِهِ نُصْبَ الْعَيْنِ، وَاجِبَ الْمُشَاهَدَةِ ثُمَّ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ثُمَّ فِي كَلَامِهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ حُصُولَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلْمُسَمَّى فِي زَمَانِ اعْتِبَارِ الْحُكْمِ بَلْ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ حَقِيقَةً لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْمَوْضُوعِ لَهُ كَمَا فِي إطْلَاقِ الدَّابَّةِ عَلَى الْفَرَسِ مَجَازًا مَعَ دَوَامِ كَوْنِهِ مِمَّا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ الثَّانِي أَنَّ الْحُصُولَ بِالْفِعْلِ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ بَلْ يَكْفِي تَوَهُّمُ الْحُصُولِ كَمَا فِي عَصَرْت خَمْرًا فَأُرِيقَتْ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ مَعَ عَدَمِ حُصُولِ حَقِيقَةِ الْخَمْرِ لِلْمُسَمَّى بِالْفِعْلِ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ، وَأَنْ تُرِيدَ مَعْنًى لَازِمًا) لِأَنَّ مَبْنَى الْمَجَازِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ، وَالْمُرَادُ كَوْنُ الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ بِحَيْثُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ الذِّهْنُ إلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اللُّزُومُ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ الِانْفِكَاكِ فِي التَّصَوُّرِ كَالْبَصِيرِ يُطْلَقُ عَلَى الْأَعْمَى مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصَوُّرِ الْبَصِيرِ تَصَوُّرُ الْأَعْمَى بَلْ بِالْعَكْسِ لَكِنْ قَدْ يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ مِنْهُ إلَى الْأَعْمَى بِاعْتِبَارِ الْمُقَابَلَةِ، وَكَذَا عَنْ الْغَائِطِ إلَى الْفَضَلَاتِ بِاعْتِبَارِ الْمُجَاوَرَةِ فَفِي الْأَوَّلِ لُزُومٌ ذِهْنِيٌّ مَحْضٌ، وَفِي الثَّانِي مَعَ الْخَارِجِيِّ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لَيْسَ هُوَ اللُّزُومَ الذِّهْنِيَّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى امْتِنَاعِ إطْلَاقِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِتَنْزِيلِ التَّقَابُلِ مَنْزِلَةَ التَّنَاسُبِ بِوَاسِطَةِ تَلْمِيحٍ أَوْ تَهَكُّمٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ الشُّجَاعِ عَلَى الْجَبَانِ أَوْ تَفَاؤُلٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى أَوْ مُشَاكَلَةٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى جَزَاءِ السَّيِّئَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute