كَإِطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ نَحْوُ عَيْنَا الْغَيْثِ) أَيْ النَّبْتِ (أَوْ بِالْعَكْسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: ١٣] ، وَهَذَا يَحْتَمِلُ الْعَكْسَ أَيْضًا) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: ١٣] يَحْتَمِلُ إطْلَاقَ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ (لِأَنَّ الرِّزْقَ سَبَبٌ غَائِيٌّ لِلْمَطَرِ وَإِمَّا بِالشَّرْطِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] أَيْ صَلَاتَكُمْ) هَذَا نَظِيرُ إطْلَاقِ اسْمِ الشُّرُوطِ عَلَى الْمُشْرَطِ.
(وَكَالْعِلْمِ عَلَى الْمَعْلُومِ) هَذَا نَظِيرُ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ وَيَكُونُ صِفَتَهُ، وَهُوَ الِاسْتِعَارَةُ، وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ بَيِّنًا كَالْأَسَدِ يُرَادُ بِهِ لَازِمُهُ، وَهُوَ الشُّجَاعُ فَيُطْلَقُ عَلَى زَيْدٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ شُجَاعٌ، وَإِذَا عَرَفْت أَنَّ مَبْنَى الْمَجَازِ عَلَى إطْلَاقِ اسْمِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ، وَالْمَلْزُومُ أَصْلٌ، وَاللَّازِمُ فَرْعٌ فَإِذَا كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ، وَالْفَرْعِيَّةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يَجْرِي الْمَجَازُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْعِلَّةِ مَعَ الْمَعْلُولِ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ لَهَا، (وَكَالْجُزْءِ مَعَ الْكُلِّ فَإِنَّ الْجُزْءَ تَبَعُ لِلْكُلِّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْكُلِّ فَإِنَّ الْجُزْءَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ بِتَبَعِيَّةِ الْكُلِّ فَيَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ هَذَا اللَّفْظُ، وَيُرَادُ بِهِ جُزْءُ الْمَوْضُوعِ لَهُ.
(وَالْكُلُّ مُحْتَاجٌ إلَى الْجُزْءِ) فَيَكُونُ الْجُزْءُ أَصْلًا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْكُلُّ بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْجُزْءِ فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ مُطَّرِدٌ وَعَكْسُهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ بَلْ يَجُوزُ فِي صُورَةٍ يَسْتَلْزِمُ الْجُزْءُ الْكُلَّ كَالرَّقَبَةِ، وَالرَّأْسِ مَثَلًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الرَّأْسِ، وَالرَّقَبَةِ، وَأَمَّا إطْلَاقُ الْيَدِ، وَإِرَادَةُ الْإِنْسَانِ فَلَا يَجُوزُ.
(وَكَالْمَحَلِّ فَإِنَّهُ أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَالِّ) لِاحْتِيَاجِ الْحَالِّ إلَى الْمَحَلِّ.
(وَأَيْضًا عَلَى الْعَكْسِ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْحَالَّ)
ــ
[التلويح]
أَوْ خَارِجًا عَنْهُ) مَعْنَاهُ أَوْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَارِجًا عَنْ الْآخَرِ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا خَارِجًا عَنْ الْآخَرِ لَمْ يُنَافِ كَوْنَ أَحَدِهِمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ، وَلَمْ يُقَابِلْهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ كَانَ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْكُلُّ خَارِجًا عَنْ الْآخَرِ، وَهُوَ الْجُزْءُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ صِفَتَهُ) أَيْ اللَّازِمِ صِفَةَ الْمَلْزُومِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ اللَّازِمُ صِفَةً لِلْمَلْزُومِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمَجَازِ يُسَمَّى اسْتِعَارَةً فَإِنْ قُلْت قَدْ جَعَلَ أَنْوَاعَ الْعَلَاقَاتِ مُتَقَابِلَةً مُتَبَايِنَةً حَتَّى اشْتَرَطَ فِي الِاسْتِعَارَةِ مَثَلًا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ جُزْءًا لِلْآخَرِ، وَفِي الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِيَّةِ، وَنَحْوِهَا أَنْ لَا يَكُونَ وَصْفًا لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُشْعِرُ بِهِ التَّقْسِيمُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي اجْتِمَاعِ الْعَلَاقَاتِ بَعْضِهَا مَعَ بَعْضٍ مَثَلًا إطْلَاقُ الْمُشَفَّرِ عَلَى شَفَةِ الْإِنْسَانِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعَارَةً عَلَى قَصْدِ التَّشْبِيهِ فِي الْغِلَظِ، وَأَنْ يَكُونَ مَجَازًا مُرْسَلًا مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَعْنِي الْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى قُلْت كَأَنَّهُ قَصَدَ تَمَايُزَ الْأَقْسَامِ بِحَسَبِ الِاعْتِبَارِ، وَأَرَادَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ أَوْ وَصْفًا لَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت فَالِاسْتِعَارَةُ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ جَامِعٍ دَاخِلٍ فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ شَكْلٍ لَهُمَا فَكَيْفَ حُصِرَ الْجَامِعُ فِي الْوَصْفِيَّةِ قُلْت أَرَادَ أَنَّ اللَّازِمَ، وَهُوَ مَا حَصَلَ لَهُ الْجَامِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute