- رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ شُرِعَ لِمَصَالِحَ لَا تُحْصَى) كَالنَّسَبِ، وَعَدَمِ انْقِطَاعِ النَّسْلِ، وَالِاجْتِنَابِ عَنْ السِّفَاحِ، وَتَحْصِيلِ الْإِحْصَانِ، وَالِائْتِلَافِ بَيْنَهُمَا، وَاسْتِمْدَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمَعِيشَةِ بِالْآخَرِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ تَعْدَادُهُ، وَغَيْرُ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ أَيْ غَيْرُ لَفْظِ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ قَاصِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمَذْكُورَةِ قُلْنَا الْخُلُوصُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ أَيْ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ مَخْصُوصَةً لَك أَمَّا فِي غَيْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَالْمَهْرُ وَاجِبٌ، وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّا حَلَّلْنَا لَك أَزْوَاجَك حَالَ كَوْنهَا خَالِصَةً لَك أَيْ لَا تَحِلُّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَحَدٍ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] (لَا فِي اللَّفْظِ فَإِنَّ الْمَجَازَ لَا يَخْتَصُّ بِحَضْرَةِ الرِّسَالَةِ، وَأَيْضًا تِلْكَ الْأُمُورُ) أَيْ الْمَصَالِحُ الْمَذْكُورَةُ (ثَمَرَاتٌ، وَفُرُوعٌ، وَمَبْنَى النِّكَاحِ لِلْمِلْكِ لَهُ عَلَيْهَا) أَيْ لِلزَّوْجِ عَنْ الزَّوْجَةِ (حَتَّى لَزِمَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ بِيَدِهِ إذْ هُوَ الْمَالِكُ) أَيْ لَوْ كَانَ وَضْعُهُ لِتِلْكَ الْمَصَالِحِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا لَمَّا كَانَ الْمَهْرُ وَاجِبًا لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ مَا كَانَ الطَّلَاقُ بِيَدِ الزَّوْجِ خَاصَّةً فَإِذَا
ــ
[التلويح]
بِخِلَافِ الطَّلَاقِ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِصَلَاحِيَّةِ الْمَحَلِّ لِلْوَصْفِ بِالْحَقِيقَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مُنْضَمًّا إلَى مَصَالِحَ أُخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِثْلُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَالْمَهْرِ، وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، وَجَرَيَانِ التَّوَارُثِ، وَتَحْصِينِ الدَّيْنِ، وَلَفْظُ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ وَافٍ بِالدَّلَالَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَصَالِحِ لِكَوْنِهِ مُنْبِئًا عَنْ الضَّمِّ، وَالِاتِّحَادِ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمَعِيشَةِ، وَعَنْ الِازْدِوَاجِ، وَالتَّلْفِيقِ عَلَى وَجْهِ الِاتِّحَادِ كَزَوْجَيْ الْخُفِّ، وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ) أَيْ لَا يَجِبُ فِي الْأَعْلَامِ رِعَايَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حَتَّى يَلْزَمَ فِي لَفْظِ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ رِعَايَةُ الْخُلُوِّ عَنْ مَعْنَى الْمِلْكِ فَيَمْتَنِعُ جَعْلُهُمَا عَلَمَيْنِ لِلْعَقْدِ الْمَوْضُوعِ فِي الشَّرْعِ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ خُلُوُّ مَعْنَاهُمَا عَنْ مَعْنَى الْمِلْكِ هُوَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِمَا عَلَى الْمِلْكِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الِازْدِوَاجِ، وَالتَّلْفِيقِ مُعْتَبَرًا فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ الْمَعْنَى فِي الْوَضْعِ الثَّانِي، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَعْنَاهُمَا التَّلْفِيقُ، وَالِازْدِوَاجُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْمِلْكِ أَوْ بِدُونِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ الْمَخْصُوصِ بَلْ اُعْتُبِرَ الْمِلْكُ قَطْعًا، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْأَعْلَامِ رِعَايَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِحَيْثُ يَكُونُ هُوَ بِعَيْنِهِ الْمَعْنَى الْعِلْمِيُّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ زِيَادَةُ خُصُوصٍ لَا تُوجَدُ فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لِأَنَّهُ مِثْلُ الْهِبَةِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بِلُزُومِ الْعِوَضِ فَيَكُونُ أَنْسَبَ بِالنِّكَاحِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا لِتَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَهِيَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ بِحَالٍ، وَكَذَا الْإِبَاحَةُ، وَالْإِحْلَالُ، وَالتَّمَتُّعُ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute