للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، وَالطَّلَاقُ بِيَدِهِ عُلِمَ أَنَّ وَضْعَ النِّكَاحِ لِلْمِلْكِ لَهُ عَلَيْهَا.

(وَإِذَا صَحَّ بِلَفْظَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ لُغَةً فَأَوْلَى) أَنْ يَصِحَّ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِهِمَا أَيْ بِلَفْظِ النِّكَاحِ، وَالتَّزْوِيجِ (لِأَنَّهُمَا صَارَا عِلْمَيْنِ لِهَذَا الْعَقْدِ) جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَمَّا قُلْت إنَّ النِّكَاحَ، وَالتَّزْوِيجَ لَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ لُغَةً يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ النِّكَاحُ بِهِمَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا صَارَا عَلَمَيْنِ لِهَذَا الْعَقْدِ أَيْ بِمَنْزِلَةِ الْعِلْمِ فِي كَوْنِهِمَا لَفْظَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ لِهَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَجِبُ فِي الْإِعْلَامِ رِعَايَةُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

(وَكَذَا يَنْعَقِدُ) أَيْ النِّكَاحُ (بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَمَّا قُلْنَا) مِنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ فَإِنَّ الْبَيْعَ وُضِعَ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَيُرَادُ بِهِ الْمُسَبَّبُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُتْعَةِ، وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، (وَكَذَا نِكَاحُ غَيْرِهِ عِنْدَنَا) فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْعَكْسُ أَيْضًا بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إطْلَاقُ اسْمِ النِّكَاحِ إرَادَةُ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ بِطَرِيقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ فَإِنَّ النِّكَاحَ وُضِعَ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فَيُذْكَرُ، وَيُرَادُ بِهِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ.

(قُلْنَا إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ (إذَا كَانَ) أَيْ السَّبَبُ (عِلَّةً شُرِعَتْ لِلْحُكْمِ) أَيْ لِذَلِكَ الْمُسَبِّبِ أَيْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِيَّةِ السَّبَبِ ذَلِكَ الْمُسَبِّبَ.

(كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ مَثَلًا فَإِنَّ الْمِلْكَ يَصِيرُ كَالْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ فَإِنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فَشَرَاهُ مُتَفَرِّقًا يُعْتَقُ فِي الثَّانِي لَا فِي الْأَوَّلِ) رَجُلٌ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يُعْتَقُ هَذَا النِّصْفُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مِلْكُ

ــ

[التلويح]

أَنَّ مَنْ أَبَاحَ طَعَامًا لِغَيْرِهِ فَهُوَ إنَّمَا يَبْتَلِعُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهَا بَلْ تُوجِبُ الْخِلَافَةَ مُضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْهِبَةُ تُوجِبُ إضَافَةَ الْمِلْكِ لَكِنْ لِضَعْفِ السَّبَبِ بِاعْتِبَارِ تَعَرِّيهِ عَنْ الْعِوَضِ يَتَأَخَّرُ الْمِلْكُ إلَى أَنْ يَتَقَوَّى بِالْقَبْضِ، وَلَا يَبْقَى ذَلِكَ الضَّعْفُ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْعِوَضَ يَجِبُ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ عَيْنٌ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَتُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاتِّصَالِ بَيْنَ حُكْمَيْ الْهِبَةِ، وَالنِّكَاحِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا سَبَبًا لِلْآخَرِ كَافٍ فِي الْمَجَازِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا اعْتَبَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الِاتِّصَالِ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ أَيْضًا أَعْنِي أَلْفَاظَ التَّمْلِيكِ، وَأَلْفَاظَ النِّكَاحِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجِبُ مِلْكَ الْمُتْعَةِ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا بِوَاسِطَةٍ، وَالْآخَرَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) تَفْرِيعٌ وَتَمْثِيلٌ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ إذَا كَانَ السَّبَبُ عِلَّةً مَشْرُوعَةً لِلْحُكْمِ، وَالْمُسَبِّبُ حُكْمًا مَقْصُودًا مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْغَائِيَّةِ، وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي عَبْدٍ مُنْكَرٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ أَوْ اشْتَرَيْته يُعْتَقُ النِّصْفُ الْآخَرُ فِي فَصْلِ الْمِلْكِ أَيْضًا لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ صِفَةٌ مَرْغُوبَةٌ فَيُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَيَلْغُو فِي الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا بِنَاءٌ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ مَلَكْت أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فِي مَعْنَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>