الْعَبْدِ فَإِنَّهُ بَعْدَ اشْتِرَاءِ النِّصْفِ الْآخَرِ لَا يُوصَفُ بِمِلْكِ الْعَبْدِ، وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَشَرَى نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الْآخَرَ يُعْتَقُ هَذَا النِّصْفُ لِأَنَّهُ بَعْدَ اشْتِرَاءِ النِّصْفِ الْآخَرِ يُوصَفُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ، وَيُقَالُ عُرْفًا إنَّهُ مُشْتَرِي الْعَبْدِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الصِّفَاتِ الْمُشْتَقَّةِ كَاسْمِ الْفَاعِلِ، وَاسْمِ الْمَفْعُولِ، وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ فِي حَالِ قِيَامِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ بِذَلِكَ الْمَوْصُوفِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَمَّا بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ فَمَجَازٌ لُغَوِيٌّ لَكِنْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ صَارَ هَذَا الْمَجَازُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَلَفْظُ الْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الشِّرَاءِ يُسَمَّى مُشْتَرِيًا عُرْفًا فَصَارَ مَنْقُولًا عُرْفِيًّا أَمَّا لَفْظُ الْمَالِكِ فَلَا يُطْلَقُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ عُرْفًا فَفِي قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت يُرَادُ الْحَقِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَفِي قَوْلِهِ: إنْ اشْتَرَيْت يُرَادُ الْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَلْ الْمَقْصُودُ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَأْتِي، وَهُوَ قَوْلُهُ.
(فَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِأَحَدِهِمَا الْآخَرَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فِيمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ) يَعْنِي فِي صُورَةِ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ إنْ قَالَ عَنَيْت بِالْمِلْكِ الشِّرَاءَ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ صُدِّقَ دِيَانَةً، وَقَضَاءً لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْتَقُ فِي قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت، وَيُعْتَقُ فِي قَوْلِهِ إنْ اشْتَرَيْت فَقَدْ عَنَى مَا هُوَ أَغْلَظُ عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ اشْتَرَيْت إنْ قَالَ عَنَيْت بِالشِّرَاءِ الْمِلْكَ بِطَرِيقِ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ أَرَادَ تَخْفِيفًا.
(أَمَّا إذَا كَانَ سَبَبًا مَحْضًا) هَذَا الْكَلَامُ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ عِلَّةً (فَلَا يَنْعَكِسُ) أَيْ لَا يَصِحُّ إطْلَاقُ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ (عَلَى مَا قُلْنَا) ، وَهُوَ قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ الْأَصْلِيَّةُ، وَالْفَرْعِيَّةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ يَجْرِي الْمَجَازُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ إلَخْ فَإِنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَصْلِيَّةُ، وَالْفَرْعِيَّةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَا يَجْرِي الْمَجَازُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ
ــ
[التلويح]
اتَّصَفَ بَكَوْنِي مَالِكًا أَوْ مُشْتَرِيًا لِمَجْمُوعِ عَبْدٍ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ، وَنَحْوُهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُشْتَقَّةِ حَقِيقَةً حَالَ قِيَامِ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ بِالْمَوْصُوفِ كَالضَّارِبِ لِمَنْ هُوَ فِي صَدَدِ الضَّرْبِ مَجَازٌ بَعْدَ انْقِضَائِهِ، وَزَوَالِهِ عَنْ الْمَوْصُوفِ كَالضَّارِبِ لِمَنْ صَدَرَ عَنْهُ الضَّرْبُ، وَانْقَضَى، وَقِيلَ بَلْ حَقِيقَةٌ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ كَالْمُتَحَرِّكِ، وَالْمُتَكَلِّمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَحَقِيقَةٌ، وَإِلَّا فَمَجَازٌ.
وَأَمَّا قَبْلَ قِيَامِ الْمَعْنَى بِهِ كَالضَّارِبِ لِمَنْ لَمْ يَضْرِبْ، وَلَا يَضْرِبُ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ سَيَضْرِبُ فَمُجَاوِزٌ اتِّفَاقًا فَإِذَا زَالَ مِلْكُهُ لِلنِّصْفِ الْأَوَّلِ عِنْدَ قِيَامِ مِلْكِ النِّصْفِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْعَبْدِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ، وَكَذَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِيًا لُغَةً عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنَّهُ غَلَبَ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ أَعْنِي مَنْ قَامَ بِهِ الشِّرَاءُ حَالًا أَوْ مَاضِيًا فَصَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً.
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ دِيَانَةً) أَيْ لَوْ اسْتَفْتَى الْمُفْتِي يُجِيبُهُ عَلَى وَفْقِ مَا نَوَى لَا قَضَاءً أَيْ لَوْ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ كَلَامِهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا نَوَى لِمَكَانِ التُّهْمَةِ لَا لِعَدَمِ جَوَازِ الْمَجَازِ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ) ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute