للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهَذَا اللَّفْظِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ كَثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ مَثَلًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ فَبَعْضُ الشَّارِحِينَ فَسَّرُوهُ بِأَنَّ لَفْظَ هَذَا ابْنِي إذَا أُرِيدَ بِهِ الْحُرِّيَّةُ خَلَفٌ عَنْ لَفْظِ هَذَا حُرٌّ فَيَكُونُ التَّكَلُّمُ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُفِيدُ عَيْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْمَجَازِ خَلَفًا عَنْ التَّكَلُّمِ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُفِيدُ عَيْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَبَعْضُهُمْ فَسَّرُوهُ بِأَنَّ لَفْظَ هَذَا ابْنِي إذَا أُرِيدَ بِهِ الْحُرِّيَّةُ خَلَفَ عَنْ لَفْظِ هَذَا ابْنِي إذَا أُرِيدَ بِهِ الْبُنُوَّةُ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى مُفِيدٌ لِلْغَرَضِ فَإِنَّ لَفْظَ هَذَا ابْنِي خَلَفٌ عَنْ لَفْظِ هَذَا حُرٌّ أَيْ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَالْأَصْلُ وَهُوَ هَذَا حُرٌّ صَحِيحٌ لَفْظًا وَحُكْمًا فَيَصِحُّ الْخَلَفُ لَكِنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَلْيَقُ بِهَذَا الْمَقَامِ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْخِلَافَ إلَّا فِي جِهَةِ الْخَلَفِيَّةِ فَقَطْ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ وَفِيمَا هُوَ الْخَلَفُ بَلْ الْخِلَافُ يَكُونُ فِي جِهَةِ الْخَلَفِيَّةِ فَقَطْ فَعِنْدَهُمَا هَذَا ابْنِي إذَا كَانَ مَجَازًا خَلَفَ عَنْ هَذَا

ــ

[التلويح]

الْخَلَفِيَّةِ فَعِنْدَهُمَا هِيَ الْحُكْمُ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِي الْمَجَازِ إمْكَانُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِهَذَا اللَّفْظِ، وَعِنْدَهُ التَّكَلُّمُ حَتَّى يَكْفِيَ صِحَّةُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ سَوَاءٌ صَحَّ مَعْنَاهُ أَوْ لَا فَقَوْلُ الْقَائِلِ هَذَا ابْنِي لِعَبْدٍ مَعْرُوفِ النَّسَبِ مَجَازٌ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُ سِنًّا، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ فَعِنْدَهُ مَجَازٌ يَثْبُتُ بِهِ الْعِتْقُ لِصِحَّةِ اللَّفْظِ وَعِنْدَهُمَا لَغْوٌ لِاسْتِحَالَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْأَكْبَرُ مَخْلُوقًا مِنْ نُطْفَةِ الْأَصْغَرِ.

(قَوْلُهُ فَالْخِلَافُ) يَعْنِي عِنْدَهُمَا الْأَصْلُ هَذَا ابْنِي لِإِثْبَاتِ الْبُنُوَّةِ، وَالْخَلَفُ هَذَا ابْنِي لِإِثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ، وَكَذَا عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي لِكَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يَقَعُ الْخِلَافُ إلَّا فِي جِهَةِ الْخَلَفِيَّةِ، وَأَمَّا عَلَى التَّفْصِيلِ الْأَوَّلِ فَالْأَصْلُ عِنْدَهُ هَذَا حُرٌّ فَيَقَعُ الْخِلَافُ فِي تَعْيِينِ الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ أَيْضًا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْخَلَفِيَّةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَالْخِلَافُ يَكُونُ فِي الْأَصْلِ، وَالْخُلْفُ أَيْ فِي تَعْيِينِ مَجْمُوعِهِمَا لَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ الْمَجَازُ الَّذِي هُوَ الْخَلَفُ إنَّمَا هُوَ هَذَا ابْنِي لِإِثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ بِلَا خِلَافٍ عَلَى كِلَا التَّفْسِيرَيْنِ لَا يُقَالُ قَدْ سَبَقَ أَنَّ مَعْنَى الْخَلَفِيَّةِ فِي الْحُكْمِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَجَازِيَّ خَلَفٌ عَنْ الْحُكْمِ الْحَقِيقِيِّ فَعِنْدَهُمَا الْأَصْلُ ثُبُوتُ الْبُنُوَّةِ، وَالْخَلَفُ ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ وَعِنْدَهُ الْأَصْلُ هَذَا حُرٌّ، وَالْخَلَفُ هَذَا ابْنِي مَجَازًا فَيَقَعُ الْخِلَافُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَازِمٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ لَيْسَ هَذَا ابْنِي حَقِيقَةً بَلْ التَّكَلُّمُ بِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَصْلَ وَالْخَلَفَ هُمَا اللَّفْظَانِ أَعْنِي الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ، وَالنِّزَاعُ فِي أَنَّ هَذَا خَلَفٌ عَنْ ذَاكَ فِي حُكْمِهِ، أَوْ فِي التَّكَلُّمِ بِهِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ حُكْمَ هَذَا خَلَفٌ عَنْ حُكْمِ ذَاكَ أَخْذٌ بِالْحَاصِلِ، وَتَوْضِيحٌ لِلْمَقْصُودِ فَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ تَكُونُ الْحَقِيقَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ مُغَايِرَةً لِمَا هِيَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>