للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ الْعَقْلَ خَصَّهُمْ عَنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ إذْ هِيَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا عَنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إذْ هِيَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ يُمْكِنُ أَدَاءُ الْوَلِيِّ عَنْهُ (وَهَذَا فَاسِدٌ عِنْدَنَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى إيجَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْجُمَلِ (لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا افْتَقَرَتْ الثَّانِيَةُ فَفِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ يَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِالشَّرْطِ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَاوِ الشَّرِكَةُ وَهَذِهِ إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا عُطِفَتْ عَلَى الْجَزَاءِ فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً لَكِنَّهَا فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ فِي حُكْمِ الِافْتِقَارِ فَعُطِفَ عَلَى الْجَزَاءِ فَتَكُونُ الْوَاوُ عَلَى أَصْلِهَا وَعَطْفُ الِاسْمِيَّةِ عَلَى مِثْلِهَا بِخِلَافِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ فَإِنَّ إظْهَارَ الْخَبَرِ هُنَا دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْجَزَاءِ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إنَّمَا تَثْبُتُ إذَا افْتَقَرَتْ الثَّانِيَةُ فَقَوْلُهُ وَعَبْدِي حُرٌّ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ يُرَادُ إشْكَالًا لِأَنَّهَا جُمْلَةٌ تَامَّةٌ غَيْرُ مُفْتَقِرَةٍ إلَى مَا قَبْلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ بَلْ يَكُونُ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا عَطْفًا عَلَى الْمَجْمُوعِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ فِي حُكْمِ الِافْتِقَارِ مَعَ أَنَّهَا جُمْلَةٌ تَامَّةٌ لِأَنَّ مُنَاسَبَتَهَا الْجَزَاءَ فِي كَوْنِهِمَا جُمْلَتَيْنِ اسْمِيَّتَيْنِ تُرْجِعُ كَوْنَهَا مَعْطُوفَةً عَلَى الْجَزَاءِ لَا عَلَى مَجْمُوعِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَإِذَا كَانَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى الْجَزَاءِ

ــ

[التلويح]

صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَالْعُشْرِ، وَالْخَرَاجِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَعُونَةِ.

(قَوْلُهُ يُمْكِنُ أَدَاءُ الْوَالِي عَنْهُ) يَعْنِي عَدَمَ لُزُومِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَدَاءِ نَظَرًا لَهُ، وَلَا عَجْزَ عَنْ أَدَاءِ الْمَالِيَّاتِ لِأَنَّهَا تَتَأَدَّى بِالنَّائِبِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِنَابَةِ اخْتِيَارٌ كَامِلٌ شَرْعًا لِيَحْصُلَ مَعْنَى الِابْتِلَاءِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الصَّبِيِّ.

(قَوْلُهُ فَدَلِيلُ الْمُشَارَكَةِ فِي الْجَزَاءِ) أَيْ فِيمَا هُوَ جَزَاءٌ لِلْقَذْفِ وَحَدٌّ لَهُ وَهُوَ الْجَلْدُ، فَإِنْ قُلْت إنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَدَمُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ صَالِحًا لِكَوْنِهِ جَزَاءً لِلْقَذْفِ وَحَدًّا لَهُ قُلْت الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَتَأَلَّمُ بِرَدِّ كَلَامِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فَوْقَ مَا يَتَأَلَّمُ بِالضَّرْبِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُنَاسِبٌ لِإِزَالَةِ مَا لَحِقَ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْعَارِ بِتُهْمَةِ الزِّنَا، ثُمَّ إنَّهُ حَدٌّ فِي اللِّسَانِ الَّذِي مِنْهُ صَدَرَ جَرِيمَةُ الْقَذْفِ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ إلَّا أَنَّهُ ضَمَّ إلَيْهِ الْإِيلَامَ الْحِسِّيَّ لِكَمَالِ الزَّجْرِ وَعُمُومِهِ جَمِيعَ النَّاسِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَنْزَجِرُ بِالْإِيلَامِ بَاطِنًا وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] مِنْ قَبِيلِ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١] ، وَهُوَ أَب لَغُ مِنْ لَا تَقْبَلُوا شَهَادَتُهُمْ، وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْهَامِ ثُمَّ التَّفْسِيرِ.

(قَوْلُهُ وَدَلِيلُ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ قَائِمٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>