للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونُ فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ لِأَنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ بَعْضُ الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَالْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ الشَّرِكَةُ فَتُحْمَلُ عَلَى الشَّرِكَةِ مَا أَمْكَنَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَعْطُوفُ مُفْتَقِرًا إلَى مَا قَبْلَهُ حَقِيقَةً كَمَا فِي الْمُفْرَدِ أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ فَحِينَئِذٍ يُحْمَلُ عَلَى الشَّرِكَةِ لِتَكُونَ الْوَاوُ جَارِيَةً عَلَى أَصْلِهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا عَلَى الشَّرِكَةِ فَلَا تُحْمَلُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَعْطُوفُ جُمْلَةً لَا تَكُونُ فِي قُوَّةِ الْمُفْرَدِ فَلَا تَكُونُ مُفْتَقِرَةً إلَى مَا قَبْلَهَا أَصْلًا كَمَا فِي {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] فَالْوَاوُ وَتَكُونُ لِمُجَرَّدِ النَّسَقِ وَالتَّرْتِيبِ فَفِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَضَرَّتُك طَالِقٌ يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّ إظْهَارَ الْخَبَرِ وَهُوَ طَالِقٌ فِي قَوْلِهِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ يُرْجِعُ الْعَطْفَ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى الْجَزَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الْجَزَاءِ لِكَيْ أَنْ يَقُولَ وَضَرَّتُك فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ وَضَرَّتُكِ طَالِقٌ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِالشَّرْطِ (وَلِهَذَا جَعَلْنَا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] مَعْطُوفًا عَلَى الْجَزَاءِ لَا عَلَى قَوْلِهِ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] أَيْ وَلِأَجْلِ مَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ وَعَبْدِي حُرٌّ مِمَّا يُوجِبُ كَوْنَهُ مَعْطُوفًا عَلَى الْجَزَاءِ وَمَا ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ وَضَرَّتُك طَالِقٌ مِنْ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْجَزَاءِ جَعَلْنَا قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقْبَلُوا} إلَخْ مَعْطُوفًا عَلَى الْجَزَاءِ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَلَا تَقْبَلُوا

ــ

[التلويح]

{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] لِكَوْنِهَا جُمْلَةً خَبَرِيَّةً غَيْرَ مُخَاطَبٍ بِهَا الْأَئِمَّةُ بِدَلِيلِ إفْرَادِ الْكَافِ فِي أُولَئِكَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ أَعْنِي قَوْلَهُ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: ٤] إلَى آخِرِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ عَطْفَ الْخَبَرِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَبِالْعَكْسِ شَائِعٌ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ إفْرَادَ كَافِ الْخِطَابِ الْمُتَّصِلِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ جَائِزٌ فِي خِطَابِ الْجَمَاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [البقرة: ٥٢] عَلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ {الَّذِينَ يَرْمُونَ} [النور: ٢٣] لَيْسَ بِمُبْتَدَأٍ بَلْ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ أَيْ اجْلِدُوا الَّذِينَ يَرْمُونَ فَهِيَ أَيْضًا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ إنْشَائِيَّةٌ مُخَاطَبٌ بِهَا الْأَئِمَّةُ فَالْمَانِعُ الْمَذْكُورُ قَائِمٌ هَاهُنَا مَعَ زِيَادَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْأَقْرَبِ إلَى الْأَبْعَدِ، وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ مُبْتَدَأٌ فَلَا بُدَّ فِي الْإِنْشَائِيَّةِ الْوَاقِعَةِ مَوْقِعَ الْخَبَرِ مِنْ تَأْوِيلٍ وَصَرْفٍ لَهَا عَنْ الْإِنْشَائِيَّةِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَكْثَرِ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ.

(قَوْلُهُ وَثَمَرَةُ هَذَا تَأْتِي) مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ {إِلا الَّذِينَ} [البقرة: ١٥٠] اسْتِثْنَاءٌ مِنْ {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: ١٩] أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ الْقَاذِفَ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَى الْمَعْلُولِ) هِيَ الْحَقِيقَةُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَأَهَّبْ فَإِنْ قُلْت لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْعِلِّيَّةَ وَالْمَعْلُولِيَّةِ فِي وُجُودِ السَّقْيِ وَالْإِرْوَاءِ لَا فِي مَفْهُومَيْهِمَا، وَالْعِلَّةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُغَايِرَةً لِلْمَعْلُولِ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ فِي الْوُجُودِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُهُمَا فِي الْوُجُودِ؟ قُلْت تَسَامَحَ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>