للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطَ تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَنَزَلَ الثَّانِي) أَيْ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَأَنْتِ طَالِقٌ (وَلَغَا الثَّالِثُ) لِعَدَمِ الْمَحَلِّ وَفَائِدَةُ تَعَلُّقِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهَا ثَانِيًا وَوَجَدَ الشَّرْطَ يَقَعُ الطَّلَاقُ (وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ إنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِلْعُذْرِ السَّابِقِ (نَزَلَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي) أَيْ يَقَعَانِ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ لَهَا كَأَنَّهُ سَكَنَ عَنْهُمَا ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَمَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَدْخُولًا بِهَا تَكُونُ مَحَلًّا فَيَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ (وَتَعَلَّقَ الثَّالِثُ) لِقُرْبِهِ بِالشَّرْطِ (وَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ الشَّرْطَ (تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَنَزَلَ الْبَاقِي) وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّرَاخِيَ رَاجِعًا إلَى التَّكَلُّمِ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ فِي الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِهِ فِي التَّكَلُّمِ مُمْتَنِعٌ فِي الْإِنْشَاءَاتِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَاخَى عَنْ التَّكَلُّمِ فِيهَا فَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ مُتَرَاخِيًا كَانَ التَّكَلُّمُ مُتَرَاخِيًا تَقْدِيرًا كَمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّ قَوْلَهُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الدُّخُولِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْحَالِ تَطْلِيقًا أَيْ تَكَلُّمًا بِالطَّلَاقِ بَلْ يَصِيرُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ

(بَلْ لِلْإِعْرَاضِ) عَمَّا قَبْلَهُ وَإِثْبَاتِ مَا بَعْدَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّدَارُكِ نَحْوَ جَاءَنِي زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو فَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بَلْ أَلْفَانِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْأَوَّلِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثِنْتَيْنِ تُطْلَقُ ثَلَاثًا قُلْنَا الْإِخْبَارُ يَحْتَمِلُ التَّدَارُكَ وَذَا فِي الْعُرْفِ نَفْيُ انْفِرَادِهِ ذَا إشَارَةٌ إلَى التَّدَارُكِ أَيْ التَّدَارُكُ فِي الْإِعْدَادِ بِكَلِمَةٍ بَلْ يُرَادُ بِهِ نَفْيُ الِانْفِرَادِ عُرْفًا (نَحْوَ سِنِّي سِتُّونَ بَلْ سَبْعُونَ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ) أَيْ الْإِنْشَاءُ لَا يَحْتَمِلُ التَّدَارُكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّدَارُكِ تَدَارُكُ الْكَذِبِ وَالْإِنْشَاءُ لَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ

ــ

[التلويح]

لَا يَكُونُ مَعْنَى التَّدَارُكِ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ وَغَلَطٌ بَلْ إنَّ الْإِخْبَارَ بِهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ، وَبَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى الْإِعْرَاضِ هُوَ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِبْطَالُهُ، وَإِثْبَاتُ الثَّانِي تَدَارُكٌ لِمَا وَقَعَ أَوَّلًا مِنْ الْغَلَطِ، وَبِالْجُمْلَةِ وُقُوعُهَا فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ لِلْأَخْذِ فِي كَلَامٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِ إبْطَالٍ.

(قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ) أَيْ وَلِكَوْنِهَا لِلْإِعْرَاضِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْأَوَّلِ وَالرُّجُوعَ عَنْهُ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضًى، بَلْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْرَاضُ بَلْ لِتَغْيِيرِ صَدْرِ الْكَلَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّلَاثَةُ وَتَوَقَّفَ أَوَّلُ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ، فَلُزُومُ الثَّلَاثَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهَا لِلْإِعْرَاضِ لَا لِلتَّغْيِيرِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَيَحْتَمِلُ التَّدَارُكَ إلَّا أَنَّ التَّدَارُكَ فِي الْأَعْدَادِ يُرَادُ بِهِ نَفْيُ الِانْفِرَادِ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا لَا نَفْيُ أَصْلِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ تَدَارَكَ ذَلِكَ الِانْفِرَادَ وَأَبْطَلَهُ وَقَالَ بَلْ مَعَ ذَلِكَ الْأَلْفِ أَلْفٌ آخَرُ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ كَمَا يُقَالُ سِنِّي سِتُّونَ بَلْ سَبْعُونَ، يُرَادُ بِهِ زِيَادَةُ الْعَشْرِ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>