للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَذَلِكَ لَا تَجْعَلُ الِاسْمِيَّةَ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ مَدْلُولَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ بَعِيدٌ مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَمَدْلُولَ الْمَاضِي قَرِيبٌ إلَيْهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فِعْلًا وَدَلَالَتِهِمَا عَلَى الزَّمَانِ فَلَمَّا لَمْ تَجْعَلْ الْمَاضِيَ بِمَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ تُجْعَلْ الِاسْمِيَّةُ بِمَعْنَاهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا

(ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ مَعَ التَّرَاخِي وَهُوَ) أَيْ التَّرْتِيبُ مَعَ التَّرَاخِي (رَاجِعٌ إلَى التَّكَلُّمِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِلَى الْحُكْمِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعِنْدَهُمَا يَتَعَلَّقْنَ جَمِيعًا وَيَنْزِلْنَ مُرَتَّبًا فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا تَقَعُ وَاحِدَةً وَكَذَا إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ وَعِنْدَهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا قَدَّمَ الْجَزَاءَ وَإِنَّمَا لَمْ نَذْكُرْ تَقْدِيمَ الْجَزَاءِ لِأَنَّهُ يَأْتِي هُنَاكَ قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَحْثَ السَّابِقَ فِي تَقْدِيمِ الْجَزَاءِ (يَقَعُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ لِأَنَّ التَّرَاخِيَ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكَلُّمِ (وَيَلْغُو الْبَاقِي) لِعَدَمِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا (وَإِنْ قَدَّمَ

ــ

[التلويح]

الْحُرِّيَّةَ فِي حَالَةِ الْأَدَاءِ أَوْ الْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ جَوَابِ الْأَمْرِ أَيْ أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا تَصِرْ حُرًّا أَوْ الْحَالُ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ لَا يَتَقَدَّمُ الْمَوْصُوفَ فَالْحُرِّيَّةُ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَدَاءِ

(قَوْلُهُ يَقَعُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ مَا يُغَيِّرُهُ إلَّا أَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّغْيِيرِ الِاتِّصَالُ لِيَكُونَ كَلَامًا وَاحِدًا فَيَتَوَقَّفَ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَ التَّرَاخِي فِي التَّكَلُّمِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ، وَأَنْتَ طَالِقٌ) فَإِنْ قُلْت لَمَّا جَعَلَ ثُمَّ بِمَنْزِلَةِ السُّكُوتِ فَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيرِ الْوَاوِ، وَلَمَّا جَعَلَ هَذَا فِي حُكْمِ الْمُنْقَطِعِ عَمَّا قَبْلَهُ فَلَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الشَّرِكَةِ فِيمَا تَمَّ بِهِ الْأَوَّلُ أَعْنِي الْمُبْتَدَأَ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ عَاطِفٍ وَلَا مُبْتَدَأٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ قُلْت ثُمَّ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْجَمْعِ وَالتَّرَاخِي فَإِذَا قَامَ السُّكُوتُ مَقَامَ التَّرَاخِي بَقِيَ الْجَمْعُ وَهُوَ مَعْنَى الْوَاوِ، ثُمَّ الِاتِّصَالُ صُورَةً كَافٍ فِي صِحَّةِ الْعَطْفِ وَإِثْبَاتِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَبْدَأِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاتِّصَالِ صُورَةً وَمَعْنًى حَتَّى لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ لَا يَتَعَلَّقُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يَخُصُّ الْإِنْشَاءَ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّهَا لِمُطْلَقِ التَّرَاخِي فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، وَهُوَ فِي اللَّفْظِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا وَأَيْضًا دَخَلَتْ كَلِمَةُ التَّرَاخِي عَلَى اللَّفْظِ فَيَظْهَرُ أَثَرُهَا فِيهِ أَيْضًا يَعُمُّ الْخَبَرَ وَالْإِنْشَاءَ. (قَوْلُهُ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مُتَرَاخِيًا تَقْدِيرًا) جَوَابٌ عَنْ دَلِيلِهِمَا أَنَّ التَّكَلُّمَ مُتَّصِلٌ حَقِيقَةً فَكَيْفَ يُجْعَلُ مُنْفَصِلًا، وَلَا صِحَّةَ لِلْعَطْفِ مَعَ الِانْفِصَالِ؟

(قَوْلُهُ بَلْ لِلْإِعْرَاضِ عَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ جَعَلَهُ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِإِثْبَاتِهِ أَوْ نَفْيِهِ، وَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ صَارَ نَصًّا فِي نَفْيِ الْأَوَّلِ نَحْوُ جَاءَنِي زَيْدٌ لَا بَلْ عَمْرٌو، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ فَعَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>