للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاوَ لِلْعَطْفِ مَعَ تَقْرِيرِ الْأَوَّلِ فَيَتَعَلَّقُ الثَّانِي بِعَيْنِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْأَوَّلُ بِوَاسِطَةِ الْأَوَّلِ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَكُونُ الْوُقُوعُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَلَمَّا لَمْ يَبْقَ الْمَحَلُّ بِوُقُوعِ الْأَوَّلِ لَا يَقَعُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ كَمَا قُلْنَا فِي حَرْفِ الْوَاوِ

(لَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ النَّفْيِ إذَا دَخَلَ فِي الْمُفْرَدِ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْجُمْلَةِ يَجِبُ اخْتِلَافُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا وَهِيَ بِخِلَافِ بَلْ) اعْلَمْ أَنْ لَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ فَإِنْ دَخَلَ فِي الْمُفْرَدِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ النَّفْيِ نَحْوَ مَا رَأَيْت زَيْدًا لَكِنْ عَمْرًا فَإِنَّهُ يَتَدَارَكُ عَدَمَ رُؤْيَةِ زَيْدٍ بِرُؤْيَةِ عَمْرٍو، وَإِنْ دَخَلَ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَجِبُ كَوْنُهُ بَعْدَ النَّفْيِ بَلْ يَجِبُ اخْتِلَافُ الْجُمْلَتَيْنِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَإِنْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ الَّتِي قَبْلَ لَكِنْ مُثْبَتَةً وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ الَّتِي بَعْدَهَا مَنْفِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي قَبْلَهَا مَنْفِيَّةً وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الَّتِي بَعْدَهَا مُثْبَتَةً وَهِيَ بِخِلَافِ بَلْ فِي أَنَّ بَلْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَوَّلِ (فَإِنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ مَا كَانَ لِي قَطُّ لَكِنْ لِعَمْرٍو فَإِنْ وَصَلَ فَلِعَمْرٍو وَإِنْ فَصَلَ فَلِلْمُقِرِّ لِأَنَّ النَّفْيَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِإِقْرَارِهِ فَيَكُونُ) أَيْ النَّفْيُ (رَدًّا إلَى الْمُقِرِّ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ تَكْذِيبًا إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَأَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ لِي لَكِنَّهُ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ لِعَمْرٍو فَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ لِعَمْرٍو بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِذَلِكَ النَّفْيِ فَيَتَوَقَّفُ بَيَانٌ

ــ

[التلويح]

الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَالْوَاحِدَةِ لَا نَفْسَ الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ

(قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ) أَيْ التَّدَارُكِ، وَفَسَّرَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِرَفْعِ التَّوَهُّمِ النَّاشِئِ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ مِثْلَ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو إذَا تَوَهَّمَ الْمُخَاطَبُ عَدَمَ مَجِيءِ عَمْرٍو أَيْضًا بِنَاءً عَلَى مُخَالَطَةٍ وَمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا، وَفِي الْمِفْتَاحِ أَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ زَيْدًا جَاءَك دُونَ عَمْرٍو فَبِالْجُمْلَةِ وَضَعَهَا لِلِاسْتِدْرَاكِ وَمُغَايِرَةِ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا فَإِذَا عُطِفَ بِهَا مُفْرَدٌ فَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ النَّفْيُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلهَا مَنْفِيًّا لِيَحْصُلَ الْمُغَايَرَةُ، وَإِذَا عُطِفَ بِهَا جُمْلَةٌ فَهِيَ تَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ فَيَكُونُ مَا قَبْلهَا مَنْفِيًّا، وَتَحْتَمِلُ النَّفْيَ فَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا مُثْبَتًا فَيَكْفِي اخْتِلَافُ الْكَلَامَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ أَمْ الثَّانِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ اخْتِلَافُ الْكَلَامَيْنِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى سَوَاءٌ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَفْظًا نَحْوَ جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو لَمْ يَجِئْ أَوْ لَا نَحْوُ سَافَرَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو حَاضِرٌ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ بِخِلَافِ بَلْ) ذَكَرَ النُّحَاةُ أَنَّهَا فِي عَطْفِ الْجُمَلِ نَظِيرَةُ بَلْ أَيْ فِي الْوُقُوعِ بَعْدَ النَّفْيِ وَالْإِيجَابِ كَمَا أَنَّهَا فِي عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ نَقِيضَةُ لَا حَيْثُ يَخْتَصُّ لَا بِمَا بَعْدَ الْإِيجَابِ، وَلَكِنْ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ فَكَأَنَّهُ مَظِنَّةُ أَنْ يَتَوَهَّمَ أَنَّهَا فِي عَطْفِ الْجُمَلِ مِثْلَ بَلْ فِي مَعْنَى الْإِعْرَاضِ فَنَفَى ذَلِكَ التَّوَهُّمَ فَفِي بَلْ إعْرَاضٌ عَنْ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ، وَالْحُكْمُ هُوَ الثَّانِي فَقَطْ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي الْعَطْفِ بِبَلْ إلَّا إخْبَارٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ فِي لَكِنْ إعْرَاضٌ عَنْ الْأَوَّلِ بَلْ الْحُكْمَانِ مُتَحَقِّقَانِ، وَفِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>