للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ لِعَمْرٍو (بِشَرْطِ الْوَصْلِ) لِأَنَّ بَيَانَ التَّغْيِيرِ لَا يَصِحُّ إلَّا مَوْصُولًا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَقَدْ عُرِفَ فِي بَيَانِ التَّغْيِيرِ أَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْآخِرِ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُمَا مَعًا لَا أَنَّهُ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الصَّدْرِ ثُمَّ يَخْرُجُ الْبَعْضُ (وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي الْمُقْتَضَى لَهُ بِدَارٍ بِالْبَيِّنَةِ إذَا قَالَ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ لَكِنَّهَا لِزَيْدٍ وَقَالَ زَيْدٌ بَاعَ مِنِّي أَوْ وَهَبَ لِي بَعْدَ الْقَضَاءِ أَنَّ الدَّارَ لِزَيْدٍ وَعَلَى الْمُقْتَضَى لَهُ الْقِيمَةُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالنَّفْيِ وَالِاسْتِدْرَاكِ مَعًا فَيَثْبُتُ مَعًا مُوجَبُهُمَا وَهُوَ النَّفْيُ عَنْ نَفْسِهِ وَثُبُوتُ مِلْكٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ تَكْذِيبُ الشُّهُودِ وَإِثْبَاتُ مِلْكِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لَازِمٌ لِذَلِكَ النَّفْيِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِعَمْرٍو بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجَبَيْ الْكَلَامَيْنِ) وَهُمَا النَّفْيُ عَنْ نَفْسِهِ وَثُبُوتُ مِلْكٍ لِزَيْدٍ (فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ (لَا عَلَى زَيْدٍ فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ ثُمَّ إنْ اتَّسَقَ الْكَلَامُ تَعَلَّقَ مَا بَعْدَهُ بِمَا قَبْلَهُ) يَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ الْبَحْثِ وَهُوَ

ــ

[التلويح]

إخْبَارٌ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَفْيٌ، وَالْآخَرَ إثْبَاتٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُوجَبَ بَلْ وَضْعًا نَفْيُ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتُ الثَّانِي حَتَّى أَنَّ فِي جَاءَنِي زَيْدٌ بَلْ عَمْرٌو انْتَفَى مَجِيءُ زَيْدٍ بِكَلِمَةِ بَلْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَوَّلِ إبْطَالُهُ وَالْحُكْمُ بِنَقِيضِهِ لَا جَعْلُهُ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ لِعَمْرٍو) فِي كُتُبِ الْأُصُولِ لَكِنَّهُ لِعَمْرٍو فَغَيَّرَهُ إلَى الْعَاطِفَةِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَاطِفَةِ وَغَيْرِهَا، وَالنَّفْيُ أَعْنِي قَوْلَهُ مَا كَانَ لِي قَطُّ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَكْذِيبُ الْمُقِرِّ وَرَدُّ إقْرَارِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْكَلَامِ لِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلْإِقْرَارِ، وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ رَدًّا بَلْ تَحْوِيلًا حَتَّى كَأَنَّهُ صَارَ قَابِلًا لِلْعَبْدِ مُقِرًّا بِهِ لِعَمْرٍو فَيَكُونُ النَّفْيُ مَجَازًا كَمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ وَالْمُصَنِّفُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَرَّحَ بِعَدَمِ مِلْكِيَّتِهِ لَهُ فِي زَمَانٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ التَّحْوِيلُ، وَلَا قَرِينَةَ عَلَى مَا ذَكَرُوا مِنْ الْمَجَازِ بَلْ الِاحْتِمَالُ هُوَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ زَيْدٍ زَمَانًا وَاشْتُهِرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ قَطُّ بَلْ لِعَمْرٍو فَيَصِيرُ قَوْلُهُ لَكِنْ لِعَمْرٍو بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْكَلَامِ فَيَصِحُّ مَوْصُولًا حَتَّى يَثْبُتَ النَّفْيُ عَنْ زَيْدٍ وَالْإِثْبَاتُ لِعَمْرٍو مَعًا لَا مُتَرَاخِيًا لِأَنَّ النَّفْيَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ رَدًّا لِلْإِقْرَارِ، وَلَا يُثْبِتُ مِلْكِيَّةَ عَمْرٍو لِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا قَالُوا) أَيْ إذَا ادَّعَى بَكْرٌ دَارًا فِي يَدِ عَمْرٍو أَنَّهَا لَهُ، وَجَحَدَ عَمْرٌو فَأَقَامَ بَكْرٌ بَيِّنَةً فَقَضَى الْقَاضِي بِالدَّارِ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَكْرٌ مَا كَانَتْ الدَّارُ لِي قَطُّ لَكِنَّهَا لِزَيْدٍ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَكَذَّبَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطُّ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَقَالَ زَيْدٌ بَاعَ بَكْرٌ الدَّارَ مِنِّي أَوْ وَهَبَهَا لِي بَعْدَ الْقَضَاءِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالُوا الدَّارُ لِزَيْدٍ، وَعَلَى بَكْرٍ الْمَقْضِيِّ لَهُ قِيمَةُ الدَّارِ لِعَمْرٍو الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الِاسْتِدْرَاكَ بِالنَّفْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>