للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلِاجْتِمَاعِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْيَمِينَ لِلْمَنْعِ فَإِنْ كَانَ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ أَيْ إنَّمَا مَنَعَهُ لِأَجْلِ الِاجْتِمَاعِ فَالْمُرَادُ نَفْيُ الْمَجْمُوعِ كَمَا

ــ

[التلويح]

الْحَذْفِ لِأَنَّا نَقُولُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إذْ التَّقْدِيرُ فِيمَا هُوَ الْمُخْتَارُ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا حُرٌّ وَهَذَا حُرٌّ تَكْمِيلًا لِلْجُمَلِ النَّاقِصَةِ بِتَقْدِيرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْقَائِمَةَ بِكُلٍّ تُغَايِرُ حُرِّيَّةَ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ فِي جَاءَنِي زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَلَوْ سَلِمَ فَمُعَارَضٌ بِالْقُرْبِ وَكَوْنِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَذْكُورًا صَرِيحًا، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِمُغَيِّرٍ لِمَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّشْرِيكِ فَيَقْتَضِي وُجُودَ الْأَوَّلِ) قُلْنَا لَا يُنَافِي التَّغْيِيرَ هَاهُنَا بَلْ يُوجِبُهُ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّشْرِيكُ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَحْدَهُ، وَبَعْدَ تَشْرِيكِ الثَّالِثِ مَعَ الثَّانِي بِعَطْفِهِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ الْأَخِيرَيْنِ جَمِيعًا، وَإِذَا كَانَ مُغَيِّرًا تَوَقَّفَ أَوَّلُ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ حُرِّيَّةُ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا اسْتَعْمَلَ أَوْ فِي النَّفْيِ) خَبَرًا كَانَ أَوْ إنْشَاءً يَعُمُّ النَّفْيُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْطُوفِ أَوْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَانْتِفَاءُ الْوَاحِدِ الْمُبْهَمِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِانْتِفَاءِ الْمَجْمُوعِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] مَعْنَاهُ لَا تُطِعْ أَحَدًا مِنْهُمَا، وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ، وَكَذَا مَا جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَإِنْ قُلْت لَفْظُ أَحَدٍ قَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَهَمْزَتُهُ حِينَئِذٍ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْوَاوِ، وَجَمْعُهُ آحَادٌ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَنْ يَصْلُحُ أَنْ يُخَاطَبَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ، وَهَمْزَتُهُ أَصْلِيَّةٌ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْعُمُومِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ أَصْلًا كَذَا ذَكَرَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ فَقَوْلُهُمْ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَأَنَّ مِثْلَ اضْرِبْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فِي مَعْنَى اضْرِبْ أَحَدَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ مُضَافٌ فَلَا يَكُونُ نَكِرَةً فَلَا يَعُمُّ فِي النَّفْيِ قُلْت هُوَ مَعَ الْإِضَافَةِ مُبْهَمٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ قَالَ ابْنُ يَعِيشَ، وَفِي أَحَدٍ مِنْ الْإِبْهَامِ مَا لَيْسَ فِي وَاحِدٍ تَقُولُ جَاءَنِي أَحَدُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمْ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا يُشْكِلُ بِمَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ هَذَا أَوْ هَذِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا كَانَ مُولِيًا مِنْ وَاحِدَةٍ لَا مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْفَرْقِ إلَّا أَنَّ كَلِمَةَ إحْدَى خَاصَّةٌ صِيغَةً وَمَعْنًى، وَلَا يَعُمُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَلَائِلِ الْعُمُومِ، وَكَذَا بِوُقُوعِهَا فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ بِخِلَافِ كَلِمَةِ أَوْ فَإِنَّهَا قَدْ تُفِيدُ الْعُمُومَ بِوُقُوعِهَا فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسِّرَ أَوْ بِأَحَدٍ مُنَكَّرٍ غَيْرِ مُضَافٍ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْإِيجَابِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ) إشَارَةٌ إلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى الْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>